للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب في التشبيه]

[مدخل]

...

[باب في التشبيه]

قال أبو العباس: وهذا باب طريف نصل به هذا الباب الجامع الذي ذكرناه وهو بعض ما مر للعرب من التشبه المصيب, وللمحدثين١ بعدهم.

فأحسن ما جاء بإجماع الرواة-: ما مر لامرئ القيس في كلام مختصر, أي بيت واحد، من تشبيه شيء في حالتين مختلفتين٢ بشيئين مختلفين، وهو قوله:

كأن قلوب الطير رطباً ويابساً ... لدى وكرها العناب والحشف البالي٣

فهذا مفهوم المعنى، فإن اعترض معترض فقال: فهلا فصل فقال: كأنه رطباً العناب وكأنه يابساً الحشف! قيل له: العربي الفصيح الفطن اللقن يرمي بالقول مفهوماً، ويرى ما بعد ذلك من التكرير عيا، قال الله جل وعز، وله المثل الأعلى: {وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} ٤، علماً بأن المخاطبين يعلمون٥ وقت السكون ووقت الاكتساب.

ومن تمثيل امرئ القيس العجيب قوله:

كأن عيون الوحش حول خبائنا ... وأرحلنا الجزع الذي لم يثقب٦

ومن ذلك قوله:

إذا ما الثريا في السماء تعرضت ... تعرض أثناء الوشاح المفصل٧


١ ر: "والمحدثين": وما أثبته في الأصل, س.
٢ ساقطة من ر.
٣ الحشف البالي: ردئ النمر, قال شارح الديوان ٣٨: "وإنما خص قلوب الطير جاءت بقلوبها إلى أفراخها".
٤ سورة القصص.
٥ ر: "يعرفون".
٦ الجزع: خرز فيه بياض وسواد. شبه عيون الوحش لما فيهن من السواد والبياض بالخرز. وجعله غير مثقب, لأن ذلك أصفى له وأتم لحسنه.
٧ تعرضت: أي أرتك عرضها. أي ناحيتها, والوشاح المفصل: الذي جعل بين كل خرزتين فيه لؤلؤة. والأثناء: جمع ثنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>