وكان الذي اعتدّ بعه الحجاج بن يوسف على سعيد بن جبير لمّا أتي به إليه بعد انقضاء أمر ابن الأشعث، وكان سعيدٌ عبداً لرجل من بني أسد بن خزيمة، فاشتراه سعيد بن العاصي في مائة عبدٍ فاعتقهم جميعاً، فقال له الحجّاج: يا شقي بن كسيرٍ، أما قدمت الكوفة، وليس يؤم بها إلا عربيّ فجعلتك إماماً! قال: بلى، قال: أفما ولّيتك القضاء فضجّ أهل الكوفة وقالوا: لا يصلح القضاء إلا لعربي، فاستقضيت أبا بردة بن أبي موسى الشعري وأمرته ألا يقطع أمراً دونك! قال: بلى، قال: أو ما جعلتك في سمّارى وكلهم من رؤوس العرب! قال: بلى، قال: أو ما أعطيتك مائة ألف درهم لتفرّقها في أهل الحاجة، ثم لم أسألك عن شيء منها! قال: بلى، قال: فما أخرجك عليّ ? قال: بيعةٌ كانت لابن الأشعث في عنقي، فغضب الحجّاج، ثم قال: أفما كانت بيعة أمير المؤمنين بعد الملك في عنقك قبل? والله لأقتلنّك، يا حرسيّ، اضرب عنقه. ونظر الحجّاج فإذا جلّ من خرج مع عبد الرحمن، من الفقهاء وغيرهم، من الموالي، فأحبّ ان يزيلهم عن موضع الفصاحة والآداب، ويخلطهم بأهل القرى والأنباط. فقال: إنما الموالي علوج، وإنما أتي بهم من القرى، فقراهم أولى بم، فأمر بتسييرهم من الأمصار وإقرار العرب بها، وأمر ان ينقش على يد كل إنسان منهم اسم قريته. وطالت ولايته. فتوالد القوم هناك، فخبثت لغات أولادهم، وفسدت طبائعهم. فلمّا قام