للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[باب]

[سؤال عبد الملك لحسان: أي المناديل أفضل?]

قال عبد الملك بن مروان لجلسائه - وكان يجتنب غير الأدباء -: أي المناديل أفضل? فقال قائل منهم: مناديل مصر كأنها غرقىء البيض١. وقال آخر: مناديل اليمن كأنها أنوار الربيع. فقال عبد الملك: ما صنعتما شيئاً، أفضل المناديل ما قال أخو تميم - يعني عبدة بن الطبيب٢.

لما نزلنا نصبنا ظل أخبية ... وفار للقوم باللحم المراجيل

ورد وأشقر ما يؤنيه طابخه ... ما غير الغلي منه فهو مأكول

ثمت قمنا إلى جرد مسومة ... أعرافهن لأيدينا مناديل

قوله: "غرقىء البيض" يعني القشرة الرقيقة التي تركب البيضة دون قشرها الأعلى، وقشرها الأعلى يقال له: القيض.

وقوله: "المراجيل" إنما حده "المراجل"؛ ولكن لما كانت الكسرة لازمة أشبعها للضرورة؛ كما قال:

نفي الدرام تنقاد الصياريف٣

وقد مر تفسير هذا.

وقوله:

ورد وأشقر ما يؤنيه طباخه

يقول: ما تغير من اللحم قبل نضجه.

وقوله: "ما يؤنيه طباخه" يقول: ما يؤخره، لأنه لو آناه لأنضجه، لأن معنى "آناه" بلغ به إناه، أي إدراكه، قال الله عز وجل: {إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ} ٤، وتقول: أنى يأني إنيّ، إذا أدرك، وآن يئين مثله. وقوله عز وجل: {يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ} ٥ أي قد بلغ إناه.


١ زيادات ر: "الغرقىء يهمز، ولا يهمز، وكذلك فعله".
٢ زيادات ر: "عبدة، بإسكان الباء".
٣ زيادات ر: "الحجة في الصياريف".
٤ سورة الأحزاب ٥٣.
٥ سورة الرحمن ٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>