للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[لهو النعمان بن المنذر]

وحدثني العباس بن الفرج الرّياشيّ في إسنادٍ قد ذهب عني أكثره، قال: نزل النعمان بن المنذر ومعه عدّي بن زيد في ظلّ شجرةٍ مونقةٍ، ليلهو النّعمان هناك، فقال له عدّي بن زيد: أيها الملك، أبيت اللّعن! أتدري ما تقول هذه الشجرة? قال: وما الذي تقول? قال: تقول٢:

[من رآنا فليحدث نفسه ... أنه موفٍ على قرن زوال

وصرف الدهر لا يبقى لها ... ولما تأتي به صم الجبال]

ربّ ركبٍ قد أناخوا حولنا ... يمزجون الخمر بالماء الزّلال

[والأباريق عليها فدمٌ٣ ... وجياد الخيل تردي في الجلال

عمروا الدهر بعيشٍ حسنٍ ... قطعوا دهرهم غير عجال]

ثم أضحوا عصف الدّهر بهم ... وكذاك الدّهر حالاً بعد حال

قال: فتنغّص النعمان.

وهذا في الأمثال كثيرٌ، وفي الأشعار السائرة.

وأما قوله "حكمك مسمّطاً" فإعرابه أنه أراد: لك حكمك مسمّطاً، واستعمل هذا فكثر، حتى حذف استخفافاً، لعلم السامع بما يريد القاتل، كقولك: "الهلال والله"، أي: هذا الهلال، وأغنى عن قوله: "هذا"، القصد والإشارة.

وكان يقال لرؤبة: كيف أصبحت؟ فيقول: خير عافاك الله. فلم يضمر حرف الحفض، ولكنه حذف لكثرة الاستعمال. والمسمّط: المرسل غير المردود٤. والكوماء: العظيمة السّنام.


١ سورة فصلت ١١.
٢ كل ما كان بين المربعين من زيادات ر.
٣ الفدم: جمع فدام، وهو ما يوضع على فم الإبريق لتصفيته عند الشرب.
٤ المردود: النافذ حكمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>