قال أبو العباس: أنشدني أحد الأمراء لشاعر من أهل الري يكنى أبا يزيد، شيئاً يقوله لعبد الله بن طاهر أحسن فيه وأصاب الفص، وقصد بالمدح إلى معدنه، واختاره لأهله:
فأنت أولى بتاج الملك تلبسه ... من هوذة بن علي وابن ذي يزن
فأحسن الترتيب جداً، وإن كانت الملوك كلها تلبس التاج في ذلك الدهر.
وإنما ذكر ابن ذي يزن لقول أمية بن أبي الصلت الثقفي حيث يقول:
اشرب هنيئاً عليك التاج مرتفعاً ... في رأس غمدان داراً منك محلالاً
وقال الأعشى في هوذة بن علي، وإن لم يكن هوذة ملكاً:
من ير هوذة يسجد غير متئب ... إذا تعمم فوق التاج أو وضعا
له أكاليل بالياقوت فصلها ... صواغها لاترى عيباً ولاطبعاً
وقال أبو العباس: وحدثني التّوّزي قال: سمعت أبا عبيدة يقول عن أبي عمرو، قال: لم يتتوج معدي قط، وإنما كانت التيجان لليمن، فسأليه عن هوذة بن علي الحنفي، إنما خرزات تنظم له.
قال أبو العباس: وقد كتب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى هوذة بن علي يدعوه كما كتب إلى الملوك، وكان يجيز لطيمة كسرى في البر بجنبات اليمامة. واللطيمة: الإبل تحمل الطيب والبر. ووفد هوذة بن علي على كسرى بهذا السبب فسأله عن بنيه، فذكر منهم عدداً فقال: أيهم أحب إليك? فقال: الصغير حتى يكبر، والغائب حتى يقدم، والمريض حتى يصح. فقال له كسرى: ماغذاؤك في بلدك? فقال: الخبز، فقال كسرى لجلسائه: هذا عقل الخيز، يفضله على عقول أهل البوادي الذين يغتذون اللبن والتمر.