للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له، وابنه رديفه. فقام إليه رجل منهم، فقال: أسألك عن مسألة. قال: قل. قال: أرأيت رجلاً قتل رجلاً بغير حق، وللقاتل جاه وقدر وناحية من السلطان، ألولي ذلك المقتول أن يفتك به إن قدر عليه? قال: بل يرفعه إلى السلطان. قال: إن السلطان لا يعدي عليه لمكانه منه وعظيم جاهه عنده. قال: أخاف عليه إن فتك به فتك به السلطان. قال: دع ما تخافه من ناحية السلطان، أتلحقه تبعة فيما بينه وبين الله? قال: لا. قال: فحكم هو وأصحابه وخبطوه بأسيافهم. ورمى عباد ابنه فنجا. وتنادى الناس قتل عاد! فاجتمع الناس فأخذوا أفواه الطرق، وكان مقتل عباد في سكة بني مازن عند مسجد بني كليب فجاء معبد بن أخضر أخو عباد - وهو معبد بن علقمة، وأخضر زوج أمهما - في جماعة من بني مازن، فصاحوا بالناس: دعونا وثأرنا. فأحجم الناس وتقدم المازنيون، فحاربوا الخوارج حتى قتلوهم جميعاً، لم يفلت منهم أحد إلا عبيدة بن هلال، فإنه خرق خصاً ونفذ منه. ففي ذلك يقول الفرزدق:

لقد أدرك الأوتار غير ذميمة ... إذا ذم طلاب التراث الأخاضر

هم جردوا الأسياف يوم ابن أخضر ... فنالوا التي ما فوقها نال ثائر

أفادوا به أسداً لها في اقتحامها ... إذا برزت نحو الحروب بصائر١

ثم ذكر بني كليب لأنه قتل بحضرة مسجدهم ولم ينصروه، فقال في كلمته هذه:

كفعل كليب إذ أخلت بجارها ... ونضر اللئيم معتم وهو حاضر٢

وما لكليب حين تذكر أول ... وما لكليب حين تذكر آخر

وقال معبد بن أخضر:

سأحمي دماء الأخضريين إنه ... أبى الناس إلا أن يقولوا ابن أخضرا


١ أقادوا أسدا. قتلوهم به.
٢ يقال: اعتم الرجل في الشئ, إذا أبطأ فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>