للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: أو هذا رأي جميع أهل البصرة! اجتمعوا إلي في غد. وجاء الزبير حتى نزل الفرات، وعقد الجسر ليعبر إلى ناحية البصرة، فخرج أكثر أهل البصرة إليه.

وقد اجتمع للخوارج أهل الأهواز وكورها، رغبة ورهبة، فأتاه البصريون في السفن وعلى الدواب ورجالة. فاسودت بهم الأرض، فقال الزبير لما رآهم: أبى قومنا إلا كفراً، فقطع١ الجسر، وأقام الخوارج بالفرات بإزائهم، واجتمع الناس عند القباع، وخافوا الخوارج خوفاً شديداً، وكانوا ثلاث فرق، فسمى قوم المهلب، وسمى قوم مالك بن مسمع، وسمى قوم زياد بن عمرو بن الأشرف العتكي، فصرفهم، ثم اختبر ما عند مالك وزياد، فوجدهما متثاقلين عن ذلك٢، وعاد إليه من أشار بهما وقالوا: قد رجعنا عن رأينا، ما نرى لها إلا المهلب، فوجه الحارث إليه فأتاه، فقال له: يا أبا سعيد، قد ترى ما رهقنا٣ من هذا العدو، وقد اجتمع أهل مصرك عليك، وقال الأحنف: يا أبا سعيد، إنا والله ما آثرناك بها ولكنا لم نر من يقوم مقامك. فقال الحارث - وأومأ إلى الأحنف - إن هذا الشيخ لم يسمك إلا إيثاراً للدين، وكل من في مصرك ماد عينه إليك، راج أن يكشف الله عز وجل هذه الغمة بك، فقال المهلب: لا حول ولا قوة إلا بالله، إني عند نفسي لدون ما وصفتم، ولست آبياً ما دعوتم٤ إليه، على شروط أشترطها. قال الأحنف: قل، قال: على أن أنتخب من أحببت، قال: ذاك لك، قال: ولي إمرة كل بلد أغلب عليه، قال: وذاك لك، قال: ولي فيء كل بلد أظفر به.

قال الأحنف: ليس ذاك لك ولا لنا، إنما هو فيء المسلمين، فإن سلبتهم إياه كنت عليهم كعدوهم، ولكن لك أن تعطي أصحابك من فيء كل بلد تغلب عليه ما شئت، وتنفق "منه ما شئت٥ "على محاربة عدوك، فما فضل عنكم كان للمسلمين. فقال المهلب: فمن لي بذلك? قال الأحنف: نحن وأميرك وجماعة أهل مصرك، قال: قد قبلت.


١ ر: "فقطعوا".
٢ ر: "عن ذاك".
٣ رهقنا: أتعبنا.
٤ س: "مما دعوتم".
٥ ساقطة من ر.

<<  <  ج: ص:  >  >>