للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنزل الناس على غير أمره، فلم يستتم النزول حتى ورد عليهم سعد الطلائع في خمسمائة فارس، كأنهم خيط ممدود. فناهضهم عبد العزيز، فواقفوه ساعة، ثم انهزموا عنه مكيدة، فاتبعهم، فقال له الناس: لا تتبعهم فإنا على غير تعبية، فأبى، فلم يزل في آثارهم حتى اقتحموا عقبة، فاقتحمها وراءهم. والناس ينهونه، وكان قد جعل على بني تميم عبس بن طلق الصريمي، الملقب عبس الطعان، وعلى بكر بن وائل مقاتل بن مسمع القيسي وعلى شرطته رجلاً من بني ضبيعة بن نزار، فنزلوا عن العقبة ونزل خلفهم، وكان لهم في بطن العقبة كمين، فلما صاروا وراءها خرج عليهم الكمين. وعطف سعد الطلائع، فترجل عبس بن طلق فقتل، وقتل مقاتل بن مسمع، وقتل الضبعي١ صاحب الشرطة، وانحاز عبد العزيز، واتبعهم الخوارج على فرسخين يقتلونهم كيف شاؤوا، وكان عبد العزيز قد خرج معه بأم حفص ابنة المنذر بن الجارود امرأته. فسبوا النساء يومئذ، وأخذوا أسرى لا تحصى، فقذفوهم في غار بعد أن شدوهم وثاقاً، ثم سدوا عليهم بابه حتى ماتوا فيه.

وقال رجل حضر ذلك اليوم: رأيت عبد العزيز، وإن ثلاثين رجلاً ليضربونه بأسيافهم وما تحيك في جنته٢.

يقال ما أحاك فيه السف، وما يحيك فيه، وما حك ذا الأمر في صدري، وما حكى في صدري، وما احتكى في صدري. ويقال: حاك الرجل في مشيته يحيك؛ إذا تبختر.

ونودي على السبي يومئذ، فغولي بأم حفص، فبلغ بها رجل سبعين ألفاً، وذلك الرجل من مجوس كانوا أسلموا ولحقوا بالخوارج، ففرض لكل واحد منهم خمسمائة، فكاد يأخذها، فشق ذلك على قطري وقال: ما ينبغي لرجل مسلم أن يكون عنده سبعون ألفاً، إن هذه لفتنة٣، فوثب إليها أبو الحديد العبدي فقتلها، فأتي به قطري فقال له٤: يا أبا الحديد، مهيم! فقال: يا أمير المؤمنين، رأيت المؤمنين قد تزايدوا في هذه المشركة، فخشيت عليهم الفتنة. فقال قطري: قد أصبت وأحسنت! فقال رجل من الخوارج:


١ ر"الضبيعي".
٢ ر: "جسده".
٣ ر. "فتنة".
٤ ساقطة من ر.

<<  <  ج: ص:  >  >>