للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: تميم، قالت الخوارج: ونحن بنو تميم، فلما أمسوا افترقوا، فلما كان الغد خرج عشرة من أصحاب المهلب وخرج إليهم عشرة من الخوارج، فاحتفر كل واحد حفيرة وأثبت قدمه فيها، فكلما قتل رجل جاء رجل من أصحابه فاجتره وقام١ مكانه، حتى أعتموا٢، فقال لهم الخوارج: ارجعوا، فقالوا: بل ارجعوا أنتم، فقالوا إلى الحجاج، فقال له: مه! قال: رأيت قوماً لا يعين عليهم إلا الله.

وكتب إليه المهلب: إني منتظر بهم إحدى ثلاث: موت ذريع، أو جوع مضر، أو اختلاف من أهوائهم.

وكان المهلب لا يتكل في الحراسة على أحد، كان يتولى ذلك بنفسه، ويستعين بولده وبمن يحل محلهم في الثقة عنده.

وقال أبو حرملة العبدي يهجو المهلب:

عدمتك يا مهلب من أمير ... أما تندى يمينك للفقير!

بدولاب أضعت دماء قومي ... وطرت على مواشكة درور٣

فقال المهلب: ويحك! والله إني لأقيكم بنفسي وولدي، قال: جعلني الله فداء الأمير! فذاك الذي نكره منك، ما كلنا يحب الموت، قال: ويحك! وهل عنه محيص? قال: لا، ولكنا نكره التعجيل، وأنت تقدم عليه إقداماً، قال المهلب: أما سمعت قول هبيرة٤ الكلحبة اليربوعي:

فقلت لكأس ألجميها فإنما ... نزلنا الكثيب من زرود لنفزعا

قال: بلى والله قد سمعته، ولكن قولي أحب إلي منه، وهو٥:

فلما وقفتم غدوة وعدوكم ... إلى مهجتي وليت أعداءكم ظهري

وطرت ولم أحف مقالة عاجز ... يساقي المنايا بالرجينية السمر


١ ر: "ووقف".
٢ أعتموا: صارواإلى العتمة وهي ثلث الليل الأول.
٣ ر: "دماء قوم", ومواشكة دور: سريعة.
٤ ساقطة من ر.
٥ ساقطة من ر.

<<  <  ج: ص:  >  >>