للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الأزد وغيرهم، فصرع بعضهم وقتل بعض، وجرح بعض. وقال عبد الله بن رزام الحارثي لأصحاب المهلب، احملوا، فقال: المهلب: أعرابي مجنون! وكان من أهل نجران، فحمل وحده، فاخترق القوم حتى نجم من ناحية أخرى ثم رجع، ثم كر ثانية ففعل فعلته الأولى، وتهايج الناس، فترجلت الخوارج وعقروا دوابهم، فناداهم عمرو القنا ولم يترجل هو وأصحابه من العرب، وكانوا زهاء أربعمائة: موتوا على ظهور دوابكم ولا تعقروها فقالوا: إنا إذا كنا على الدواب ذكرنا الفرار.

فاقتتلوا، ونادى المهلب بأصحابه: الأرض الأرض، قال لبنيه: تفرقوا في الناس ليروا وجوهكم، ونادى الخوارج: ألا إن العيال لمن غلب، فصبر بنو المهلب، وصبر يزيد بين يدي أبيه، وقاتل قتالاً شديداً ألى فيه، فقال له أبوه: يا بني إني أرى موطناً لا ينجو فيه إلا من صبر، وما مر بي يوم مثل هذا منذ مارست الحروب.

وكسرت الخوارج أجفان سيوفهم، وتجاولوا، فأجلت جولتهم عن عبد ربه مقولاً، فهرب عمرو القنا وأصحابه، وأستأمن قوم، وأجلت الحرب عن أربعة آلاف قتيل وجرحى كثر من الخوارج، فأمر المهلب بأن يدفع كل جريح إلى عشيرته، وظفر عسكرهم فحوى ما فيه، ثم انصرف إلى جيرفت، فقال: الحمد لله الذي ردنا إلى الخفض والدعة، فما كان عيشنا بعيش، ثم نظر إلى قوم في عسكر لم يعرفهم، فقال: ما أشد عادة السلاح! ناولني درعي: فلبسها ثم قال: خذوا هؤلاء، فلما سير بهم إليه قال: ما أنتم? قالوا: نحن قوم جئنا لنطلب غرتك لنفتك بك، فأمر بهم فقتلوا.

قال أبو العباس: ووجه المهلب كعب بن معدان الأشقري، ومرة بن تليد الأزدي، من أزد شنوءة، فوفدا على الحجاج، فلما طلعا عليه تقدم كعب فأنشده:

يا حفص إني عداني عنكم السفر ... وقد سهرت فأودى نومي السهر١

فقال له الحجاج: أخبرني عن بني المهلب، قال: المغيرة فارسهم وسيدهم، وكفى


١ وضع الشطر الثاني في ر بين علامتي الزيادة, وهو غير زائد في الصل, س.

<<  <  ج: ص:  >  >>