للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كبعض الناس، فلما صرت مع من يلزمني الصبر ويجعلني أسوة نفسه وولده ويجاريني على البلاء، صرت أنا وأصحابي فرساناً؛ فأمر الحجاج بتفضيل قوم على قوم على قدر بلائهم، وزاد ولد المهلب ألفين، وفعل بالرقاد وجماعة شبيهاً بذلك.

قال يزيد بن حبناء من الأزارقة:

دعي اللوم إن العيش ليس بدائم ... لا تعجلي باللوم يا أم عاصم

فإذ عجلت منك الملامة فاسمعي ... مقالة مقني بحقك عالم

ولا تعذلينا في الهدية إنما ... تكون الهدايا من فضول المغانم

فليس بمهد من يكون نهاره ... جلاداً ويمسي ليله غير نائم

يريد ثواب الله يوماً بطعنة ... غموس كشدق العنبري بن سالم

أبيت وسربالي دلاص حصينة ... ومغفرها والسيف فوق الحيازم١

حلفت برب الواقفين عشية ... لدى عرفات حلقه غير آثم

لقد كان في القوم الذين لقيتهم ... بسابور شغل عن بروز اللطائم

توقد في أيديهم زاعبية ... ومقهة تقري شؤون الجماجم

قوله: من يكون نهاره جلاداً ويمسي ليله غير نائم يريد يمسي هو في ليله ويكون هـ في نهاره، ولكنه جعل الفعل لليل والنهار على السعة، وفي القرآن: {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} ٢. والمعنى بل مكركم في الليل والنهار، وقال من أهل البحرين من اللصوص:

أما النهار ففي قيد وسلسلة ... والليل في جوف منحوت من الساج

وقال آخر:

لقد لمتنا يا أم غيلان في السرى ... ونمت وما ليل المطي بنائم

ولو قال: من يكون نهاره جلاداً ويمسي ليله غير نائم.

فكان جيداً، وذاك أنه أراد من يكون نهاره يجالد جلاداً، كما تقول: إنما


١ الدلص من كل شيء البراق, ومنه سميت الدرع دلاسا.
٢ سورة سبأ: ٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>