للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأما صخر فسندرك مقتله مع انقضاء ما نذكر من مراثي الخنساء إياه، قالت الخنساء:

ألا يا صخر إن أبكيت عيني ... لقد أضحكتني دهراً طويلا

بكيتك في نساء معولات ... وكنت أق من أبدى العويلا

دفعت بك الجليل وأنت حي ... فمن ذا يدفع الخطب الجليلا!

إذا قبح البكاء على قتيل ... رأيت بكاءك الحسن الجميلا

وقالت أيضاً:

تعرفني الدهر نهساً وحزا ... وأوجعني الدهر قرعاً وغمزا١

وأفنى رجالي فبادوا معاً ... فأصبح قلبي بهم مستفزا

كأن لم يكونوا حمى يتقى ... إذ الناس إذ ذاك من عز بزا

وكانوا سراة بني مالك ... فخر العشيرة مجداً وعزا٢

وهم في القديم سراة الأديم ... والكائنون من الخوف حرزا٣

وهم منعوا جارهم والنسـ ... ـاء يحفز أحشاءها الخوف حفزا

عداة لقوهم بملومة ... رداح تغادر للأرض ركزا٤

وخيل تكدس بالدارعين ... تحت العجاجة يجمزن جمزا٥

ببيض الصفاح وسمر الرماح ... فبالبيض ضرباً وبالسمر وخزا٦


١ النهس: أخذ الشيء بمقدم الأسنان, وتعرفني الدهر: نالني, من قولهم: تعرق العظم إذا أخذ ما عليه من اللحم.
٢ ر "زين العشيرة".
٣ الأديم الجلد, قال المرصفي: تكنى بذلك عن أنهم أشراف, لم تدنس أعراضهم.
٤ الملمومة: الكتيبة مجتمعة, رداح: ضخمة.
٥ تكدس: يركب بعضها بعضا, والجمزة: نوع من العدو.
٦ الواخز: الطعن.

<<  <  ج: ص:  >  >>