للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زوال نعمه عنك، وحلول نقمه بك، فيما ضيعت وارتكبت بالعراق، من استعانتك بالمجوس والنصارى، وتوليتهم رقاب المسلمين وجبوة١ خراجهم، وتسلطهم عليهم، نزع بك إلى ذلك عرق سوء فيهم من التي قامت٢ عنك، فبئس الجنين أنت يا عدي نفسه!.

وإن الله عز وجل لما رأى إحسان أمير المؤمنين إليك، وسوء قيامك بشكره، قلب قلبه فأسخطه عليك، حتى قبحت أمورك عنده، وآيسه من شكرك ما ظهر من كفرك النعمة عندك، فأصبحت تنظر سقوط النعمة، وزوال الكرامة، وحلول الخزي، فتأهب لنوازل عقوبة الله بك، فإن الله عليك أوجد، ولما عملت أكره، فقد أصبحت وذنوبك عند أمير المؤمنين أعظم من أن يبكتك، إلا راتباً٣ بين يديه، وعنده من يقررك بها ذنباً ذنباً، ويبكتك بما أتيت أمراً أمراً، فقد نسيته وأحصاه الله عليك، ولقد كان لأمير المؤمنين زاجر عنك فيما عرفك به من التسرع إلى حماقتك في غير واحدة.

منها القرشي٤ الذي تناولته بالحجاز ظالماً، فضربك الله بالسوط الذي ضربته به مفتضحاً على رؤوس رعيتك، ولعل أمير المؤمنين يعود لك بمثل ذلك، فإن يفعل فأهله أنت، وإن يصفح فأهله هو! ومن ذلك ذكرك زمزم، وهي سقيا الله وكرامته لعبد المطلب وهذا الحي من قريش تسميها أم جعار٥؛ فلا سقاك الله من حوض رسوله، وجعل شركما لخيركما الفداء، ووالله أن لو لم يستدلل أمير المؤمنين على صنف نحائزك وسوء تدبيرك إلا بفسالة دخائلك وبطانتك وعمالك، والغالبة عليك جاريتك الرائفة٦،


١ الجبوة: مصدر جبا الخراج يجباه.
٢ قال المرصفي: "كني بذلك عن أمه وكانت رومية نصرانية وهبها عبد الملك لأبيه".
٣ راتبا: وقفا.
٤ هو رجل من بني عبد الدار بن قصي وكان وفد على سليمان بن عبد الملك فسأله عن خالد فذكره بشر فلما سمع خالد بذلك أخذ ابنا له ومولى فضربهما بالسياط ضربا مبرحا فشكا القرشي إلى سليمان فأمر رجلا من كلب فسار إلى خالد فضرب خالدا وأمر أن يشهر به مدرعة ويمشي إلى الشام ورآه الفرزدق فنال منه في أبيات معروفة.
٥ أم جعار: اسم للضبع
٦ الرائفة: النازلة الريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>