للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "فارمهم بسهم الإسلام" يعني السلام. وقوله: "فأجل سهمك مع سهامهم"، يعني أدخل معهم في أمرهم، فضربه مثلاً، من دخول الرجل في قداح الميسر.

وقال وهب بن عبد مناف بن زهرة جد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأمه:

وإذا أتيت جماعةٌ في مجلسٍ ... فاختر مجالسهم ولما تقعد

ودع الغواة الجاهلين وجهلهم ... وإلى الذين يذكرونك فاعمد

وقال ابن عباس رحمه الله: لجليسي علي ثلاثٌ: أن أرميه بطرفي إذا أقبل، وأوسع له إذا جلس وأصغي إليه إذا حدث.

وكان القعقاع بن شورٍ١، أحد بني عمرو بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل إذا جالسه جليسٌ فعرفه بالقصد إليه جعل له نصيباً في ماله وأعانه على عدوه، وشفع له في حاجته، وغدا إليه بعد المجالسة شاكراً له، حتى شهر بذلك. وفيه يقول القائل:

وكنت جليس قعقاع بن شور ... ولا يشقى بقعقاع جليس

ضحوك السن إن أمروا بخير ... وعند السوء مطراقٌ عبوس

وحدثني التوزي أن رجلاً جالس قوماً من بني مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، فأساؤوا عشرته، وسعوا به إلى معاوية، فقال:

شقيت بكم وكنت لكم جليساً ... فلست جليس قعقاع بن شور

ومن جهل أبو جهلٍ أخوكم ... غزا بدراً بمجمرةٍ وتور٢

نسبه إلى التوضيع٣، كقول عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف لحكيم بن حزام لما بلغه قول أبي جهل بن هشام: انتفخ والله سحره٤ ونحره، سيعلم مصطر استه من انتفخ سحره اليوم!


١ ذكره ابن حجر في لسان الميزان ٤٥٤:٤ قال: من كبار المراء في دولة بني امية وفي القاموس إنه من التابعين.
٢ المجمرة: إحدى المجامر التي يوضع فيها الطيب ليتبخر به. والتور: إناء يبل فيه نحو العود والمسك.
٣ التوضيع: التحنيث.
٤ يراد بالسحر هنا الرئة.

<<  <  ج: ص:  >  >>