وليس شعر نصيب هذا الذي ذكرناه في المدح بأجود من قول الفرزدق في الفخر، وإنما يفاضل بين الشيئين إذا تناسبا.
وقد قال سليمان للفرزدق وهو يقول:
وخير الشعر أشرفه رجالاً ... وشر الشعر ما قال العبيد
ثم نرجع إلى تفسير الشعر.
وقوله:
يمرون بالدهنا خفافاً عيابهم
يعني قوماً تجاراً، وقد قالو إنما ذكر لصوصاً، والأول أثبت، وذلك أن دارين سوقٌ من أسواق العرب.
وقوله:"بجر الحقائب" يقول: عظام، ويقال للرجل إذا اندلقت سرته فنتأت متقدمة: رجل أبجر، ويقال لها: البجرة والبجرةَ. وفعلةٌ وفعَلةٌ تقعان في الشييء، يقال: قلفةٌ وقَلفةٌ، وصلعة وصَلعةٌ، ومثل هذا كثير.
وقوله:"على حين ألهى الناس" إن شئت خفضت"حين" وإن شئت نصبت، أما الخفض فلأنه مخفوض فلأنه مخفوض، وهو اسم منصرف، وأما الفتح فلإضافتك إياه إلى شيء معرب، فبنيته على الفتح، لأن المضاف والمضاف إليه اسم واحد فبنيته من أجل ذلك، ولو كان الذي أضفته إليه معرباً لم يكن إلا محفوضاً، وما كان سوى ذلك فهو لحن، تقول" جئتك على حين زيد" و" جئتك في حين إمرة عبد الملك"، وكذا قول النابغة:
على حين عاتبت المشيب على الصبا ... وقلت: ألما أصح والشيب وازع!
إن شئت فتحت، وإن شئت خفضت، لأنه مضاف إلى فعل غير متمكن.
وكذلك قولهم:"يومئذ"، تقول: عجبت من يوم عبد الله، لا يكون غيره، فإذا أضفته إلى" إذ"، فإن شئت فتحت على ما ذكرت لك في "حين"، وإن شئت خفضت، لما كان يستحقه اليوم من التمكن قبل الإضافة. تقرأ إن شئت: