للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "أن تضلعا"،معناه أن تمتلئ، وأصله أن الطعام والشراب يبلغان الأضلاع فيكظانها١،كذلك قال الأصمعي في قولهم: أكل حتى تضلع.

وأما قول أبي وجزة: "راحت بستين وسقاً" فالوسق خمسة أقفزةٍ بملجم٢ البصرة، وفي الحديث عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة" فما كان أقل من خمسة وعشرين قفيزاً بالقفيز الذي وصفنا، وهو نصف القفيز البغدادي في أرض الصدقة فلا صدقة فيه، وإنما أراد: أنه أخذ الكتاب بهذه الأوسق، فلذلك قال:

ما إن رأيت قلوصاً قبلها حملت ... ستين وسقا ولا جابت به بلدا

وأما قوله:

يقرون ضيفهم الملوية الجددا

فإنما أراد السياط، وجمع جديدٍ جددٌ، وكذلك باب "فعيل" الذي هو اسم، أو مضارع للاسم، نحو قضيب وقضيب، ورغيفٍ ورغفٍ، وكذلك سرير وسررٌ وجديدٌ وجددٌ، لأنه يجري مجرى الأسماء، وجريرٌ وجررٌ، فما كان من المضاعف جاز فيه خاصةً أن تبدل من ضمته فتحة لأن التضعيف مستثقلٌ، والفتحة أخف من الضمة، فيجوز أن يمال إليها استخفافاً، فيقال: جددٌ وسررٌ، ولا يجوز هذا في مثل قضيب لأنه ليس بمضاعفٍ، وقد قرأ بعض القراء: {عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ} ٣، ويقال للسوط: الأصبحي، ينسب إلى ذي أصبح الحميري، وكان أول من اتخذ هذه السياط التي يعاقب بها السلطان، ويقال له: العرفاص والقطيع. وقال الشماخ:

تكاد تطير من رأي القطيع

وقال الصلتان العبدي:

أرى أمة شهرت سيفها ... وقد زيد في سوطها الأصبحي


١ من الكظة.
٢ مكيال لأهل البصرة.
٣ سورة الواقعة ١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>