للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قوله: "نذق برد نجدٍ"، فذاك لأن نجداً مرتفعة وتهامة غورٌ منخفض، فنجدٌ باردة.

ويروى عن الأصمعي أنه قال: هجم علي شهر رمضان وأنا بمكة، فخرجت إلى الطائف لأصوم بها هرباً من حر مكة فلقيني أعرابي فقلت له: أين تريد? فقال: أريد هذا البلد المبارك لأصوم هذا الشهر المبارك فيه. فقلت له: أما تخاف الحر? فقال من الحر أفر.

وهذا الكلام نظير كلام الربيع بن خثيم، فإن رجلاً قال له - وقد صلى ليلةً حتى اصبح - أتعبت نفسك، فقال: راحتها أطلب: إن أفره العبيد أكيسهم.

ونظير هذا الكلام قول روح بن حاتم بن قبيصة بن المهلب - ونظر إليه رجل واقفاً بباب المنصور في الشمس - فقال: قد طال وقوفك في الشمس! فقال روحٌ: ليطول وقوفي في الظل.

ومثله من الشعر قوله: قال أبو الحسن: هو عروة بن الورد:

تقول سليمى لو أقمت بأرضنا ... ولم تدر أني للمقام أطوف

لعل الذي خوفتنا من ورائنا ... سيدركه من بعدنا المتخلف

ويروى: "لسرنا".

وقال آخر:

سأطلب بعد الدار منكم لتقربوا ... وتسكب عيناي الدموع لتجمدا

وهذا معنى كثير حسن جميل.

وقال حبيب بن أوس الطائي:

أآلفة النجب كم افتراقٍ ... أجد فكان داعية اجتماع

وليست فرحة الأوبات إلا ... لموقوفٍ على ترح الوداع

وقال رجل - واعتل في غربةٍ فتذكر أهله:

لو أن سلمى أبصرت تخددي ... ودقةً في عظم ساقي ويدي

وبعد أهلي وجفاء عودي ... عضت من الوجد بأطراف اليد

<<  <  ج: ص:  >  >>