للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تقل: هذا أحمرهم، وكذلك خيراهم، وإنما أردت هذا خيرهم ثم ثنيت، أي هذا الخير الذي هو فيهم.

وقوله: "عشية بانا"، مردود على قوله: "خيراهم".

وقوله: "رهط كعب وحاتم"، إنما خفضت "رهطاً" لأنه بدل من "هم" التي أضفت إليها "الخيرين" والتقدير: وقد مات خيراً رهط كعب وحاتم، فلم يهلكاهم عشية بانا.

فأما كعب، فهو كعب بن مامة الإيادي، وكان وكان أحد أجواد العرب الذي آثر على نفسه، وكان مسافراً ورفيقه رجل من النمر بن قاسط فقل عليهما الماء فتصافناه والتصافن: أن يطرح في الإناء حجرٌ١ ثم يصب فيه من الماء ما يغمره لئلا يتغابنوا: وكذلك كل شيء وقف على كيله أو وزنه، والأصل ما ذكرنا فجعل النمري يشرب نصيبه، فإذا أخذ كعب نصيبه قال: اسق أخاك النمري، فيؤثره حتى جهد كعبٌ، ورفعت له أعلام الماء، فقيل له: رد كعب ولا ورود به، فمات عطشاً، ففي ذلك يقول أبو دؤاد الإيادي:

أوفى على الماء كعبٌ ثم قيل له ... رد كعب إنك ورادٌ فما وردا

فضرب به المثل، فقال جرير في كلمته التي مدح فيها عمر بن عبد العزيز:

يعود الفضل منك على قريشٍ ... وتفرج عنهم الكرب الشدادا

وقد أمنت وحشهم برفقٍ ... ويعيي الناس وحشك أن تصادا

وتبني المجد يا عمر ابن ليلى ... وتكفي الممحل السنة الجمادا

وتدعوا الله مجتهداً ليرضى ... وتذكر في رعيتك المعادا

وما كعب ابن مامة وابن سعدى ... بأجود منك يا عمر الجوادا

تعود صالح الأخلاق إني ... رأيت المرء يلزم ما استعادا

هذا كعب ابن مامة الذي ذكرناه.


١ زيادات ر: "هذا الحجر الذي يقسم به الماء، يقال له المفلة، بفتح الميم".

<<  <  ج: ص:  >  >>