للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قلت: ضربت زيداً أو عمراً، أو قلت: اضرب زيداً أو عمراً فقد ابتدأت بذكر الأول، وليس عند السامع أنك تريد غير الأول، ثم جئت بالشك، أو التخيير، وإذا قلت: ضربت إما زيداً وإما عمراً، فقد وضعت كلامك بالابتداء على التخيير أو على الشك، وإذا قلت: ضربت إما زيداً وإما عمراً، فالأولى وقعت لبنية الكلام عليها، والثانية للعطف، لأنك تعدل بين الثاني والأول، فإنما تكسر في هذا الموضع.

وزعم سيبويه أنها إن ضمت إليها "ما" فإن اضطر شاعر فحذف "ما" جاز له ذلك لأنه الأصل، وأنشد في مصداق ذلك١:

لقد كذبتك نفسك فاكذبنها ... فإن جزعاً وإن إجمال صبر

ويجوز في غير هذا الموضع أن تقع "إما" مكسورة، ولكن "ما" لاتكون لازمة، ولكن تكون زائدة في "إن" التي هي للجزاء. كما تزداد في سائرالكلام نحو: أين تكن أكن، وأينما تكن أكن، وكذلك متى تأتني آتك، ومتى ما تأتني آتك، فتقول: إن تأتني آتك، وإما تأتني آتك، تدغم النون في الميم لاجتماعهما في الغنة، وسنذكر الإدغام في موضع نفرده به إن شاء الله، كما قال امرؤالقيس٢:

فإما تريني لاأغمض ساعةٌ ... من الليل إلا أن أكب فأنعسا

فيارب رب مكروب كررت وراءه ... وطاعنت عنه الخيل حتى تنفسا

وفي القرآن: {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً} ٣ وقال: {وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا} ٤ فأنت في زيادة "ما" بالخيار في جميع حروف الجزاء، إلا في حرفين، فإن "ما" لابد منها لعلة نذكرها إذا أفردنا باباٌ للجزاء إن شاء الله، والحرفان: حيثما تكن أكن، كما قال الشاعر:


١ زيادات ر: "هو دريد بن الصمة الجشمى".
٢ كذا في ر، وفي س: "كما قال الشاعر".
٣ سورة مريم ٢٦.
٤ سورة الإسراء ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>