للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فاضرب عنقه، فنظر إلي حجاربن أبجر وهو يبتسم، فدخلته العصبية، وكان مكان حجارٍ من ربيعة كمكان محمد بن عمير من مضر، وأتى الخباز بفرنيةٍ١ فقال: اجعلها مما يلي محمداً فإن اللبن يعجبه، يا حرسي، شم سيفك وانصرف.

وكان محمدٌ شريفاً، وله يقول الشاعر:

علم القبائل من معد وغيرها ... إن الجواد محمدٌ بن عطارد

وذكرت بنو دارم يوماً بحضرة عبد الملك، فقالوا: قوم لهم الحظ، فقال عبد الملك: أتقولون ذلك وقد مضى منهم لقيط بن زرارة ولا عقب له، ومضى القعقاع بن معبد بن زرارة ولا عقب له، ومضى محمد بن عمير بن عطارد ولا عقب له، والله لاتنسى العرب هؤلاء الثلاثة أبداً.

قوله: "شم سيفك"، يقول: اغمده، ويقال: شمت السيف: إذا سللته، وهو من الأضداد، ويقال: شمت البرق إذا نظرت من أي ناحية يأتي.

قال الأعشى:

فقلت للشرب في درنى٢ وقد ثملوا: ... شيموا، وكيف يشيم الشارب الشارب الثمل!

وقال الفرزدق:

بأيدي رجالٍ لم يشيموا سيوفهم ... ولم تكثر القتلى بها حين سلت

وهذا البيت طريف عند أصحاب المعاني، وتأويل لم يشيموا: لم يغمدوا ولم تكثر القتلى، أي لم يغمدوا سيوفهم إلا وقد كثرت القتلى [بها] ٣حين سلت.


١ الفرنية: الخبزة المستديرة، منسوبة إلى الفرن.
٢ درنى: بلد باليمامة.
٣ تكملة من س.

<<  <  ج: ص:  >  >>