وقوله:"ضوء برق ووابله"، أراد صده عنهم ضوء برقٍ ووابله، فأضاف الوابل من المطر إلى البرق. وإنما الإضافة إلى الشيء على جهة التضمين، ولا يضاف الشيء إلى الشيء إلا وهو غيره أو بعضه، فالذي هو غيره: غلام زيدٍ ودار عمرو، والذي هو بعضه: ثوب خز، وخاتم حديد، وإنما أضاف الوابل إلى البرق، وليس هو له، كما قلت: دار زيد، على جهة المجاورة، وأنهما راجعان إلى السحابة، وقد يضاف ما كان كذا على السعة، كما قال الشاعر:
حتى أنخت قلوصي في دياركم ... بخير من يحتذي نعلاً وحافيها
فأضاف الحافي إلى النعل، والتقدير: حافٍ منها.
ألم ترني صاحبت صفراء نبعة
فالنبع خير الشجر للقسي، ويقال: إن النبع والشوحط والشريان شجرة واحدة، ولكنها تختلف أسماؤها وتكرم وتحسن بمنابتها، فما كان في قلة الجبل منها فهو النبع، وما كان في سفحه فهو الشوحط، وما كان في الحضيض فهو الشريان.
وقوله:"لها ربذي"، يريد وتراً شديد الحركة عند دفع السهم، يقال رجل ربذ اليد إذا كان يكثر التحريك ليديه والعبث بهما، ويوصف به الفرس لكثرة حركة قوائمه، وكان الأصل ربذاً لأنه" ربذ"، ولكن ما كان من "فعل" فنسب إليه فتح موضع العين منه استثقالاً لاجتماع ياءي النسب وكسرة اللام، لأن ياءي النسب تكسران ما تليانه، فلم يدعوا مع ذلك العين مكسورة، تقول في النسب إلى النمر بن قاسط: نمري، وإلى الحطبات: حبطي، وإلى شقرة وهو الحارث ابن تميم بن مر: شقري، وفي النسب إلى عم عموي يا فتى.