والبغضاء ما كان آل الزبير وآل أبي سفيان? قال لا. قال: فإن تزويجي إلى آل الزبير حلل ما كان لهم في قلبي، فما أهل بيت أحب إلي منهم، قال: فإن ذلك ليكون، قال: فكيف أذنت للحجاج أن يتزوج في بني هاشم، وأنت تعلم ما يقولون ويقال فيهم، والحجاج من سلطانك بحيث علمت قال: فجزاه خيراٌ، وكتب إلى الحجاج بعزمةٍ أن يطلقها فطلقها، فغدا الناس عليه يعزونه عنها، فكان فين أتاه عمرو بن عتبة بن أبي سفيان، فأوقع الحجاج بخالد، فقال: كان الأمر لآبائه فعجز عنه حتى انتزع منه. فقال له عمرو بن عتبة: لاتقل ذا أيها الأمير، فإن لخالد قديماٌ سبق إليه، وحديثاٌ لم يغلب عليه، ولو طلب الأمر لطلبه بحد وجد، ولكنه علم علماٌ، فسلم العلم إلى أهله، فقال الحجاج: يا آل أبي سفيان، أنتم تحبون أن تحلموا ولا يكون الحلم إلا عن غضب، فنحن نغضبكم في العاجل ابتغاء مرضاتكم في الآجل، ثم قال الحجاج: والله لأتزوجن من هو أمس به رحماٌ، ثم لا يمكنه فيه شيء، فتزوج أم الجلاس بنت عبد الله بن خالد بن أسيد.
أما قوله:"ألقي في روعه"، فإن العرب تقول ألقي في روعي، وفي قلبي وفي جخيفي وفي تاموري كذا كذا، ومعناه كله واحد، إلا أن لهذه الأشياء. مواضع مختصة، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وصلم:"إن روح القدس نفث في روعي"، فالروع والجخيف غير مختلفين، والعرب تقول: أذهب الله قلبه، ولا قلب له. ولا تقول: لاروع له، فكأن الروع هو متصل بالقلب، وعنه يكون الفهم خاصة، ويقال: رأيت قلب الطائر. ولا يقال: رأيت روع الطائر، والتامور عند العرب: بقية النفس عند الموت، وبعضهم يفصح عنه فيجعله دم القلب خاصة الذي يبقى للا نسان ما بقي، يقال: ضعه في تامورك وفي قلبك وفي روعك وفي جخيفك. والذماء، ممدود: مثل التامور سواء تقول العرب: ليس في الحيوان أطول ذماء من الضب، وذلك أنه يذبح ثم يطرح في النار بعد أن ظن أنه قد برد فربما سعى من النار.