للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التجار ويتصل بهم الحديث. قال: فاجتهدوا في أن جمعوا إلي مالي أسرع جمعٍ، وسروا أكثر سروراً، وقالوا بلا رغم١، وأتاني العباس وهو كالمرأة الواله٢ فقال: ويحك يا حجاج ما تقول قال: فقلت: أكاتمٌ أنت علي خبري? فقال: إي والله قال: فقلت: فالبث علي شيئاً حتى يخف موضعي. قال فسرت إليه، فقلت. الخبر والله على خلاف ما قلت لهم، خلفت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد فتح خيبر، وخلفته والله معرساً بابنة ملكهم، وما جئتك إلا مسلماً، فاطو الخبر ثلاثاً حتى أعجز القوم، ثم أشعه، فإنه والله الحق، فقال: العباس: ويحك، أحق ما تقول? قلت إي والله قال: فلما كان بعد ثلاثة تخلق العباس، وأخذ عصاه وخرج يطوف بالبيت قال: فقالت: قريش: يا أبا الفضل، هذا والله التجلد لحر المصيبة فقال: كلا، ومن حلفتم به لقد فتحها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأعرس بابنة ملكهم فقالوا: من اتاك بهذا الحديث? فقال: الذي أتاكم بخلافه، ولقد جاءنا مسلماً، ثم أتت الأخبار من النواحي بذلك، فقالوا: أفلتنا الخبيث، أولى له٣.

وأصل الفل مأخوذ من فللت الحديدة٤ إذا كسرت حدها. والنضو: البالي المجهود، ويقال ناقة نضوٌ: إذا جهدها السير، وجمعه أنضاءٌ، وفلان نضوً من المرض.

وقوله: "لا يستقرض من عوزٍ"، فالعوز: تعذر المطلوب، يقال: أعوز فلان فهو معوز إذا لم يجد، والمعاوز في غير هذا الموضع: الثياب التي تبتذل ليصان بها غيرها. وقوله: "ولكن ليبلوا الأخيار"، يقال: الله يبلوهم ويبتليهم ويختبرهم في معنى، وتأويله: يمتحنهم، وهو العالم عز وجل بما يكون كعلمه بما كان، قال ال جلله ثناؤه {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} ٥ قال: وحدثني أبو عثمان المازني قال: رأيت أبا فرعون العدوي، ومعه


١ الرغم هنا: الكره.
٢ الواله: الحزينة.
٣ أولى له: كلمة تهديد وتوعد، غلبت في الدعاء بالعسر.
٤ الحديدة: وصف للسكين يقال سكين حديدة، وحادة.
٥ سورة هود ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>