للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا خارجاً من في زور كلام

أي ولايخرج خروجاً، وقد مضى تفسير هذا.

والمغل الذي عنده غلول، وهو ما يختان ويحتجن، ويستعمل مستعاراً في غير المال، يقال: غل يغل كقول الله عز وجل: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} ١.

ويقال: أغل فهو مغل إذا صودف يغل، أو نسب إليه، ومن قرأ: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} ٢. فتأويله أن يأخذ ويستأثر، ومن قرأ: {يَغُلَّ} فتأويله على ضربين يكون أن يقال ذلك فيه، ويكون وهو الذي يختار أن يخون، فإن قال قائل كيف يكون التقدير، وقد قال: ما كان لنبي أن يغل فيغل لغيره، وأنت لا تقول ما كان لزيد أن يقوم عمرو? فالجواب أنه في التقدير على معنى: ما ينبغي لنبي أن يخون، كما قال: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} ٣. ولو قلت: ما كان لزيد أن يقوم عمرو إليه لكان جيداً، على تقديرك: ما كان زيدٌ ليقوم عمرو إليه، كما قلنا في الآية.

والإصبع، أفصح ما يقال وقد يقال: أصبع وإصبع وأصبع موضعها ههنا موضع اليد. يقال: لفلان عليك يدٌ، ولفلان عليك إصبعٌ، وكل جيدٌ، وإنما يعني ههنا النعمة.

وأما قوله:

قتلنا أخانا للوفاء بجارنا

فيكون على ضربين: أحدهما أن يكون فخم نفسه وعظمها، فذكرها باللفظ الذي يذكر الجميع به، والعرب تفعل هذا ويعد كبراً، ولا ينبغي على حكم الإسلام أن يكو هذا مستعملاً إلا عن الله عز وجل، لأنه ذو الكبرياء، كما قال الله تبارك وتعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} ٤ و {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} ٥، وكل صفات الله أعلى الصفات وأجلها، فما استعمل في المخلوقين على تلك الألفاظ


١ سورة آل عمران ١٦١.
٢ قال المرصفى: يريد أنه مأخوذ من غل الثلائ المبنى للمفعول، وتأويلة: أن يؤخذ.
٣ سورة آل عمران ١٤٥.
٤ سورة القدر ١.
٥ سورة النساء ١٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>