بالخير خيراتٍ وإن شراً فا ... ولا أريد الشر إلا أن تا
يريد: وإن شراً فشر، ولا أريد الشر إلا أن تريد١.
وهذا خلاف ما تستعمله الحكماء، فإنه يقال: إن اللسان إذا كثرت حركته، رقت عذبته.
وحدثني أبو عثمان الجاحظ قال: قال لي محمد الجهم: لما كانت أيام الزّط أدمنت الفكر، وأمسكت عن القول، فأصابتني حبسةً في لساني.
وقال رجل من الأعراب يذكر آخر منهم:
كأن فيه لففاً إذا نطق ... من طوال تحبيسٍ وهم وأرق
وقال رجل لخالد بن صفوان: إنك لتكثر، فقال: أكثر لضربين: أحدهما فيما لاتغني فيه القلّة، والآخر لتمرين اللسان، فإن حبسه يورث العقلة.
وكان خالد يقول: لا تكون بليغاً حتى تكلم أمتك السوداء في الليلة الظلماء، في الحاجة المهمة، بما تكلم به في نادي قومك، فإنما اللسان عضوٌ إذا مرنته، مرن، وإذا أهملته خار، كاليد التي تخشنها بالممارسة، والبدن الذي تقويه برفع الحجر وما أشبه، والرّجل إذا عودته المشي مشت.
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا تزالون أصحاء ما نزعتم ونزوتم. فتزعم في القسي، نزوتم على طهور الخيل.
وقال بعض الحكماء: لا ينبغي للعاقل إن يخلي نفسه من ثلاث في غير إفراط الأكل، والمشي، والجماع. فأما الأكل فإن الأمعاء تضيق لتركه، وكان ابن الزبير رحمه الله يواصل فيما ذكروا بين خمس عشرة من يوم وليلة، ثم يفطر على سمن وصبر ليفتق أمعاءه. قال أبو العباس: قال الأول: والمشي، إن لم تتعهده أوشكت ان تطلبه فلا تجده، والجماع كالبئر إن نزحت جمّت، وإن تركت تحيّر ماؤها، وحق هذا كله القصد.
وقوله:
كأن عليهم شروق الطفل
١ زيادات ر: قال ش: قول أبي العباس: "إلا أن تريد" إنما هو إلا أن تشاء، ولو كان كما قال أبو العباس: كانت التاء مضمومة".