للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانت الحال بينهما ألطف حال، فوصله ابن أبي عيينه بذي اليمينين فولاه البصرة وولى ابن أبي عيينه اليمامة والبحرين وغوص البحر فلما رجعا إلى البصرة تنكر إسماعيل لابن أبي عيينه، فهاج بينهما من التباعد على مثال ما كان بينهما من المقاربة، ثم عزل ابن أبي عيينه فلم يزل يهجو من أهله من يواصل إسماعيل، وكان أكبر أهله قدراً في ذلك الوقت يزيد بن المنجاب، وكان أعود قائم العين لم يطاع على علته إلا بشعر ابن أبي عيينه، وكان منهم. وكان سيد أهل البصرة محمد بن عباد بن حبيب بن الملهب، ومنهم سعيد بن المهلب بن المغيرة بن حرب بن محمد بن ملهب بن أبي صفرة، وكان قصيراً، وكان ابن عباد احول، فذلك حيث يقول ابن أبي عيينه في هذا الشعر الذي أمليناه:

تستقدم النعجتان والبرق١ ... في زمن سرو أهله الملق

عور وحول ثالث لهم ... كأنه بين أسطرٍ لحق٢

ولهم يقول ولاثنين ظن أنهما معهم، وقد مروا به يريدون إسماعيل بن جعفر:

ألا قل لرهطٍ خمسةٍ أو ثلاثة ... يعدون من أبناء آل الملهب

على باب إسماعيل روحوا وبكروا ... دجاج القرى مبثوثة حول ثعلب

وأثنوا عليه بالجميل فإنه ... يسر لكم حبا هو الحب واقلب

يلين لكم عند اللقاء موارباً ... يخالفكم منه بناتٍ ومخلب

ولولا الذي تولونه لتكشفت ... سريرته عن بغضةٍ وتعصب

أبعد بلائي عنده إذا وجدته ... طريحاً كنصل القدح لما يركب

به صدأ قد عابه فجلوته ... بكفي حتى ضوؤه ضوء كوكب

وركبته في خوط نبع وريشة ... بقادمتي نسر ومتن معقب٣

فما إن أتاني منه إلا مبوأ ... إلي بنصل كالحريق مذرب


١ البرق: الخروف والجمع أبراق.
٢ اللحق: اسم لما يلحق بالكتاب بعد الفراغ منه.
٣ الخوط: الغض الناعم. راشه: ألزق فيه الريش. والمتن: الوتر.

<<  <  ج: ص:  >  >>