للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: "كمنزيةٍ عيراً خلاف جواد" يقول: بعد جواد، قال الله عز وجل: {فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ} ١.

وقوله: "لافي كفاء" يقال: هو كفؤك وكفؤك وكفيئك وكفاؤك، وإذا كان عديلك في شرف أو ما أشبه، كما قال الفرزدق:

وتنكح في أكفانها الحبطات

أول هذا البيت:

بنو دارم أكفاؤهم آل مسمع

وآل مسمع: بيت بكر بن وائل، والحبطات هم بنو الحارث بن عمرو بن تميم، وإنما قال هذا الفرزدق حين بلغة أن رجلا من الحبطات خطب امرأة من بني دارم بن مالك، فأجابه رجل من الحبطات:

أما كان عبّادٌ كفيئا لدارم ... بلى ولأبياتٍ بها الحجرات

عبّاد، يعني بني هاشم، وقد تقدم هذا البيت للفرزدق في مواضع، وقال الله عز وجل: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} ٢، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "لأمنعنّ النساء إلا من الأكفاء، وتحدّث أصحابنا عن الأصمعي عن إسحاق بن عيسى. قال: قلت لأمير المؤمنين الرّشيد أو المهديّ: يا أمير المؤمنين، من أكفاؤنا? قال: أعداؤنا، يعني بنى أميّة، وزيادٌ الذي ذكركان أخاها".

هذا التفسير ما كان من المؤنث على "فعال" مكسور الآخر.

وهو على أربعة أضرب، والأصل واحد.

قال أبو العباس: اعلم أنه لا يبنى شيء من هذا الباب على الكسر إلا وهو مؤنث معرفة معدولٌ عن جهته، وهو في المؤنث بمنزلة فعل، نحو عمر وقثم في المذكر، وفعل معدول في حال المعرفة عن فاعلٍ وكان فاعلٌ ينصرف، فلما عدل عنه فعل لم ينصرف، وفعال معدول عن فاعلة لا ينصرف في المعرفة فعدل إلى البناء، لأنه ليس بعد ما لا ينصرف إلا المبنيّ، وبني وبني على الكسر لأن في فاعلة


١ سورة التوبة ٨١.
٢ سورة الإخلاص ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>