للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وائل. وكتيبة رابعةٌ يقال لها الرهائن وهم قوم كان يأخذهم من كل قبيلة فيكونون رهناً عنده ثم يوضع مكانهم مثلهم. والخامسة دوسر وهي كتيبة ثقيلة تجمع فرساناً وشجعاناً من كل قبيلة، فأعزاهم أخاه١، وجلّ من معه بكربن وائل، فاستاق النّعم وسبى الذّراريّ، وفي ذلك يقول أبو المشمرج اليشكريّ:

لمّا رأوا راية النعمان مقبلةً ... قالوا ألا ليت أدنى دارنا عدن

يا ليت أمّ تميم لم تكن عرفت ... مرّا وكانت كمن أودى به الزمن

إن تقتلونا فأعيارٌ مجدّعةٌ ... أو تنعموا فقديماً منكم المنن٢

منهم زهير وعتّابٌ ومحتضرٌ ... ابنا لقيط وأودى في الوغى قطن

يقول النعمان في جواب هذا:

لله بكرٌ غداة الرّوع لو بهم ... أرمى ذرا حضنٍ زالت بهم حضن٣

إذ لا أرى أحداً في النّاس أشبههم ... إلاّ فوارس خامت عنهم اليمن٤

وهذا خبر طويل، فوفدت إليه بنو تميم فلما رآها أحب البقيا، فقال:

ما كان ضرّ تميماً لو تغمّدها ... من فضلنا ما عليه قيس عيلان

فأناب القوم وسألوه النساء، فقال النعمان: كل امرأة اختارت أباها ردّت إليه، وإن اختارت صاحبها تركت عليه. فكلّهن اختارت أباها، إلا ابنة لقيس بن عاصم فإنها اختارت صاحبها عمرو بن المشمرج، فنذر قيس ألاّ تولد له ابنةٌ إلا قتلها. فهذا شيء يعتلّ به من وأد، ويقول: فعلناه أنفةً، وقد أكذب ذلك بما أنزل الله تعالى في القرآن. وقال ابن عباس رحمه الله في تأويل هذه الآية: وكانوا لا يورثون، ولا يتخذون إلا من طاعن بالرّمح ومنع الحريم يريد الذّكران.


١ أى أعطاهم إياه يغزو بهم.
٢ أعيار: جمع عير، وهو الحمار. ومجدعة: مقطعة الأذان.
٣ حضن: جبل في أعالى نجد.
٤ خامت: جبنت.

<<  <  ج: ص:  >  >>