للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ففعلا. فقال: يأخا بني أسدٍ، كيف تفاخر العرب وأنت تعلم انه ليس حيّ أحبّ إلى الجيش ولا أبغض إلى الضيف، ولا أقل تحت الرايات منكم! وأما أنت يا أخا هذيل، فكيف تكلم الناس وفيكم خلال ثلاثٌ: كان منكم دليل الحبشة على الكعبة، ومنكم خولة ذات النّحيين، وسألتم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يحلّ لكم الزّنا! ولكن إذا أردتما بيتي مضر، فعليكما بهذين الحيّين من تميم وقيس، قوماً في غير حفظ الله!

وأما بيت عبد الرحمن بن حسّان فإنه يقوله لعبد الرحمن بن الحكم بن أبي العاصي وكان يهاجيه، فقال له في كلمته:

وأما قولك الخلفاء منا ... فهم منعوا رويدك من وداج١

ولولاهم لكنت كحوت بحر ... هوى في مظلم الغمرات داجي

وكنت أذل من وتدٍ بقاع ... يشجج رأسه بالفهر واجي٢

وكان أحد من هرب من الحجاج سوّار بن المضرّب٣ ففي ذلك يقول:

أقاتلي الحجّاج إن لم أزر له ... دراب وأترك عند هند فؤاديا٤

فإن كان لا يرضيك٥حتى تردّني ... إلى قطريّ ما إخالك راضيا

إذا جاوزت درب المجيزين ناقتى ... فباست أبى الحجاج لما ثنانيا٦

أيرجو بنو مروان سمعى وطاعتى ... وقومى تميم والفلاة ورائيا

وورائي هنا بمعنى: أمامي، قال الله عز وجل: {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائي} ٧. وقال جل ثناؤه: {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً} ٨.


١ وداج: مصدر ودجه، أى قطع ودجه، والودج: أحد الودجين، وهما عرقان غليظان عن يمين ثغرة النحر ويسارها.
٢ الفهر: الحجر ملء الكف، واجى: أصله واجىء، من الوجء، وهو الضرب والدق.
٣ زيادات ر: "بفتح الراء".
٤ دراب، قال المرصفى: "يريد دارا بجرد، فاقتصر على أحد الجزأين، وهي كورة بفارس".
٥ زيادات ر: فاعل "يرضيك" مضمر أو منوى، تقديره: فإن كان لا يرضيك الإرضاء، ولا يجوز أن يكون مابعد "يرضيك" الفاعل؛ لأن سيبوية رحمه الله قال: الفاعل لا يكون جملة، "وحتى تردنى" جملة قاله ابن الأبرش".
٦ درب المجيزين هو باب السكة، والمجيزون: هم المقيمون بأبواب الثغور يمنعون الخارج إلا من كان بيده جواز.
٧ سورة مريم ٥.
٨ سورة الكهف ٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>