للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وشهد أعرابي عند معاية بشهادة، فقال له معاوية: كذبت، فقال له الأعرابي: الكاذب متزمل في ثيابك، فقال معاوية: هذا جزاء من عجل.

وقال معاوية يوماً للأحنف - وحدثه حديثاً: أتكذبُ? فقال: والله ما كذبتُ مذ علمت أن الكذب يشين أهلهُ.

ودخل عبد الله بن الزبير يوما على معاوية، فقال: اسمع أبياتاً قلتهن - وكان واجداً عليه - فقال معاوية: هات، فأنشده:

إذا أنت لم تنصف أخاك وجدته ... على طرف الهجران ن كان يعقل

ويركب حد السيف من أن تضيمه ... إذا لم يكن من شفرة السيف مزحلُ

فقال له معاوية: لقد شعرت بعدنا يا أبا بكر، ثم لم ينشب معاوية أن دخل عليه معن بن أوس المزني، فقال له: أقلت بعدنا شيئاً? قال: نعم، فأنشده:

لعمرك ما أدري وإني لأوجل ... على أينا تعدو المنيةُ أولُ

حتى صار إلى الأبيات التي أنشدها ابن الزبير، فقال له معاوية: يا أبا بكر، أما ذكرت آنفاً أن هذا الشعر لك? قال: أنا أصلحت معانيه، وهو ألف الشعر، وهو بعد ظئري، فما قال من شيء فهو لي.

وكان عبد الله بن الزبير مسترضعاً في مزينة.

وحدثت أن عمرَ بن عبد العزيز [بن مروان١] كتب في إشخاص إياس بن معاوية المزني وعدي بن أرطاة الفزاري أمير البصرة وقاضيها يومئذ، فصار إليه عدي، فقرب أن يمزنه عند الخليفة، فقال: يا أبا وائلة، إن لنا حقاً ورحماً، فقال إياسُ: أعلى الكذب تريدني? والله ما يسرني أني كذبت كذبة يغفرها الله ولا يطلع عليها إلا هذا - وأومأ إلى أبيه - ولي ما طلعت عليه الشمس.

قال أبو الحسن١: التمزين المدح؛ ولم أسمع هذه اللفظة إلا من


١ تكملة من س.

<<  <  ج: ص:  >  >>