للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان عبد الملك يكرم علياً ويقدمهُ، فحدثني التوزي؛ قال: قال علي بن عبد الله: سايرت يوماً عبد الملك، فما جاوزنا إلا يسيراً حتى لقيه الحجاج قادماً عليه، فلما رآه ترجل ومشى بين يديه، فخب عبد الملك، فأسرع الحجاج، فزاد عبد الملك، فهرول الحجاج، فقلت لعبد الملك، أبك موجدة على هذا? فقال: لا، ولكنه رفع من نفسه، فأحببت أن أغض منه.

وحدثني جعفر بن عيسى بن جعفر الهاشمي، قال: حضر علي عبد الملك وقد أهدي له من خراسان جارية وفص وسيف، فقال: يا أبا محمدٍ، إن حاضر الهدية شريك فيها، فاختر من الثلاثة واحداً، فاختار الجارية، وكانت تسمى سعدى، وهي من سبي الصغدِ١ من رهط عجيف بن عنبسة، فأولدها سليمان وصالحاً ابني عليٍ.

وذكر جعفر بن عيسى أنه لما أولدها سليمان اجتنبت فراشه، فمرض سليمان من جدري خرج عليه، فانصرف علي من مصلاهُ، فإذا بها على فراشه؛ فقال: مرحباً بك يا أم سليمان، فوقع بها، فأولدها صالحاً، فاجتنبت بعدُ، فسألها عن ذلك? فقالت: خفت أن يموت سليمان فينقطع النسب بيني وبين رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فالآن إذا ولدتُ صالحاً فبالحري إن ذهب أحدهما أن يبقى الآخر، وليس مثلي اليوم من وطئه الرجالُ.

وزعم جعفر أنه كانت فيها رتةُ.

فالرتةُ: تعذرُ الكلام إذا أراده الرجل، فهي الآن معروفةٌ في ولد سليمان وولد صالحٍ.

وكان علي يقول: أكره أو أوصي إلى محمد -وكان سيد ولده - خوفا من أن أشينه بالوصية، فأوصى إلى سليمان، فلما دفن علي جاء محمد إلى سعدى


١ الصغد: كورة قصبتها سمرقند.

<<  <  ج: ص:  >  >>