للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن طريف أخباره أن عائشة بنت طلحة عتبت على مصعب بن الزبير فهجرته، فقال مصعبُ: هذه عشرة آلاف درهم لمن احتال لي أن تكلمني، فقال له ابن أبي عتيق: عدلِ المال، ثم صار إلى عائشة، فجعل يستعتبها لمصعب، فقالت والله ما عزمي أن أكلمه أبداً. فلما رأى جدها قال لها. يا بنتَ عم، إنه قد ضمن لي إن كلمته عشرةَ آلاف درهمٍ، فكلميه حتى آخذها، ثم عودي إلى ما عودكِ اللهُ.

ومن أخباره أن مرون بن الحكم قال يوماً: إني لمشغوف ببغلة الحسن بن علي رحمهما الله، فقال له ابن أبي عتيق: إن دفعتها إليك، أتقضي لي ثلاثين حاجةً? قال: نعم، قال: إذا اجتمع الناس عندك العشية فإني آخذ في مآثر قريش، ثم أمسك عن الحسن، فلمني على ذلك، فلما أخذالناس مجالسهم أخذ في مآثر قريشن فقال له مروان: ألا تذكر أوليةَ أبي محمد، وله في هذه ما ليس لأحدٍ? فقال: إنما كنا في ذكر الأشراف، ولو كنا في ذكر الأنبياء لقدمنا ما لأبي محمد! فلما خرج الحسن ليركب تبعه ابن أبي عتيق، فقال له الحسن - وتبسمَ -: ألك حاجةٌ? فقال: ذكرتُ البغلة، فنزل الحسنُ ودفعها إليه.

ومن طريف أخباره أن عثمان بن حيان المري لما دخل المدينة والياً عليها اجتمع الأشراف عليه من قريش والأنصار، فقالوا له: إنك لا تعمل عملاً أجدى ولا أولى من تحريم الغناء والرثاءِ، ففعل، وأجلهم ثلاثاً، فقدم ابن أبي عتيق في الليلة الثالثة، فحط رحله بباب سلامة الزرقاء، وقال لها: بدأت بكِ قبل أن أصير إلى منزلي، فقالت: أو ما تدري ما حدث? وأخبرته الخبر، فقال: أقيمي إلى السحر حتى ألقاه، فقالت: إنا نخاف ألا تغني شيئاً وننكظ١، فقال: إنه لا بأس عليك، ثم مضى إلى عثمان فاستأذن عليه، فأخبره أن أحب ما أقدمه عليه حب التسليم عليه، وقال له: إن من أفضل ما عملت به تحريم الغناء والرثاء. قال: إن أهلك أشاروا علي بذلك. قال: فإنك قد وفقت، ولكني رسول امرأةٍ إليك تقول: قد كانت هذه صناعتي فتبت إلى الله منها، وأنا أسألك أيها الأمير ألا تحول بينها


١ زيادة ر: "تعني تنالنا شدة".

<<  <  ج: ص:  >  >>