للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: أراد: "أكذبتك عينكَ" كما قلنا فيما قبله، وليس هذا بالأجود، ولكنه ابتدأ متيقنا ثم شك، فأدخل "أم" كقولك: "إنها لإبل" ثم تشك فتقول: "أم شاء" يا قوم.

وقوله: "قلت بهراً" يكون على وجهين؛ أحدهما: حباً يبهرني بهراً.

أي يملأني، ويقال للقمر ليلة البدرِ: باهرٌ، أييبره النجوم، يملأها، كما قال ذو الرمة:

كما يبهر البدرُ النجومَ السواريا

وقال الأعشى:

حكمتموه فقضى بينكمُ ... أبلج مثل القمرِ الباهرِ

والوجهُ الآخر: أن يكون أراد "بهراً لكم" أي: تباً لكم حيث تلومونني على هذا، كما قال ابن ميادة١:

تفاقد قومي إذ يبيعون مهجتي ... بجاريةٍ بهراً لهم بعدها بهرا

وقوله:

عدد النجم والحصى والترابِ

فيه قولان: أحدهما أنه أراد بالنجم النجوم، ووضع الواحد في موضع الجمع، لأنه للجنس؛ كما تقول: أهلك الناس الدرهم والدينارُ، وقد كثرتِ الشاةَ والبعيرُ، وكما قال الله جل وعزَّ: {إِنَّ الْأِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} ٢.

وقال الشاعر:

فبات يعدُّ النجمَ في مستجيرةٍ ... سريعٍ بأيدي الآكلين جمودها

يريد النجمَ، ويعني بالمستحيرة إهالة٣. والوجهُ الآخرُ أن يكون النجمُ ما نجمَ من النبتِ، وهو ما لم يقم على ساقٍ، والشجرُ ما يقوم على ساقٍ.


١ في ر، س: "ابن مفرع" وصوابه من الأصل.
٢ سورة العصر ٣،٢.
٣ الإهالة: ما أذيب من الشحم.

<<  <  ج: ص:  >  >>