ولم يتغن معبد في مدح قط إلا في ثلاثة أشعارٍ، منها ما ذكرنا في عرابةَ، ومنها قول عبد الله بن قيس الرقياتِ في عبد الل بن جعفر بن أبي طالب:
تقدت بي الشهباءُ نحو ابن جعفرٍ ... سواءٌ عليها ليلها ونهارها
والثالث قول موسى شهواتٍ في حمزةَ بن عبد الله بن الزبيرِ:
حمزة المبتاع بالمال الثنا ... ويرى في بيعه أن قد غبن
وهو إن أعطى عطاء كاملا ... ذا إخاء لم يكدره بمن
ونحن ذاكرو قصص هذه الأشعار التي جرت فيها عتب ما وصفنا إن شاء الله.
قال أبو العباس: كان عبد الله بن قيس الرقياتِ منقطعاً إلى مصعب بن الزبير، وكان كثير المدح له، وكان يقاتلُ معه، وفيه يقول:
إنما مصعبٌ شهابٌ من الله ... تجلت عن وجهه الطلماءُ
ملكهُ ملكُ قوةٍ ليس فيهِ ... جبروتٌ منه ولا كبرياءُ
يتقي الله في الأمور وقد أفلحَ ... منكان همهُ الإتقاءُ
قال أبو العباس١: وله فيه أشعار كثيرةٌ، فلما قتل مصعب بن الزبير١ كان عبد الملك على قتل عبد الله بن قيس، فهرب فلحق بعبد الله بن جعفر، فشفع فيه إلى عبد الملك، فشفعه في أن ترك دمه، فقال: ويدخل إليك يا أمير المؤمنين فنسمع منه? فأبى، فلم يزل به حتى أجابه، ففي ذلك يقول لعبد الله بن جعفرٍ:
أتيناك نثني بالذي أنت أهلهُ ... عليك كما أثنى على الأرض جارها
تقدت بين الشهباءُ نحو ابن جعفرٍ ... سواءٌ عليها ليلها ونهارها
تزور فتى قد يعلم الناسُ أنه ... تجود له كفٌّ قليلٌ غرارها
فوالله لولا أن تزور ابن جعفرٍ ... لكان قليلا في دمشق قرارها
١ من س.