وفيه يقول جريرٌ أيضاً:
يعودُ الحلمُ منك على قريشٍ ... وتفرج الكربَ الشدادا
وقد أمنت وحشهم برفقٍ ... ويعيي الناسَ وحشكَ أن يصادا
وتبني المجدَ يا عمرَ ابن ليلى ... وتكفي الممحلَ السنةَ الجمادا
وتدعو الله مجتهداً ليرضى ... وتذكر في رعيتكَ المعادا
فما كعبُ بن مامةَ وابنُ سعدى ... بأجود منك يا عمر الجوادا١
وقال أيضا - وكان ابن سعد الأزدي قد تولى صدقات الأعرابِ وأعطياتم، فقال جريرٌ يشكوه إلى عمرَ -:
إن عيالي لا فواكهِ عندهم ... وعند ابن سعدٍ سكر وزبيبُ
وقد كان ظني بابنِ سعدٍ سعادة ... وما الظن إلا مخطىءُ ومصيبُ
فإن ترجعوا رزقي إلي فإنه ... متاعُ ليالٍ والأداءُ قريبُ
تحنى العظامُ الزاحفاتُ من البلى ... وليس لداءِ الركبتين طبيبُ
وقال يرثيه أيضاً:
نعى النعاةُ أميرَ المؤمنين لنا ... يا خير من حج بيت الله واعتمرا
حملت أمراً جسيماً فاصطبرت له ... وقمت فيه بحق اللهِ يا عمرا
فالشمسُ طالعةٌ ليست بكاسفةٍ ... تبكي عليك نجوم الليل والقمرا
قوله: يا عمرا ندبةٌ، أراد: يا عمراه! وإنما الألف للندبة وحدها، والهاء تزاد في الوقف لخفاء الأف، فإذا وصلت لم تزدها، تقول: يا عمرا ذا الفضلِ، فإن وقفت قلت: يا عمراه: فحذف الهاء في القافية لاستغنائه عنها.
فأما قوله: "نجوم الليل والقمرا"، ففيه أقاويل كلها جيدٌ، فمنها أن تنصب "نجوم، والقمرَ" بقوله: بكاسفةٍ، يقول: الشمسُ طالعةٌ ليست بكاسفةٍ نجومً
١ مابين العلامتين من زيادة ر.