للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويروى أنه أصيب في حكمة آل داود١: لا ينبغي للعاقل إن يخلي نفسه من واحدة من أربع: من عدّةٍ٢ لمعادٍ، أو إصلاح٣ لمعاش، أو فكرٍ يقف به على ما يصلحه مما يفسده، أو لذّةٍ في غير محرّمٍ يستعين بها على الحالات الثلاث.

وقال عبد الله بن عمر بن عبد العزيز لأبيه يوماً: يا أبة، إنك تنام نوم القائلة، وذو الحاجة على بابك غير نائمٍ? فقال له: يا بنيَّ، إنّ نفسي مطيّتي، فإن حملت عليها في التعب حسرتها.

تأويل قوله: "حسرتها": بلغت بها أقصى غاية الإعياء، قال الله جلَّ وعزَّ: {يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ} ٤. وأنشد أبو عبيدة:

أنّ العسير بها داءٌ مخامرها ... فشطرها نظر العينين محسور

قوله: "فشطرها" يريد قصدها ونحوها، قال الله جلَّ وعزَّ: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} ٥ [و] ٦ قال الشاعر٧:

لهنَّ الوجالم كنَّ عوناً على النَّوى ... ولا زال منها ظالعٌ وحسير

يعني الإبل، يقول: هي المفرِّقة، كما قال الآخر:

ما فرَّق الألاّف بعـ ... ـد الله إلاّ الإبل

ولا صاح غرا ... بٌ في الديار احتملوا

وما غراب البين ... إلاّ ناقة أو جمل

قال أبو الحسن: وزادني فيه غير أبي العباس:


١ كذا في الأصل، س، وفي ر:"داءد" بالهمزة والأوجه ما أثبتناه.
٢ ر: "غدو"، وما أثبته عن ر والأصل.
٣ س: "صلاح".
٤ سورة الملك ٤.
٥ سورة البقرة: ١٤٤.
٦ من س.
٧ هو جميل بن معمر العذرى، قاله المرصفى.

<<  <  ج: ص:  >  >>