للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأدخلت الهاء لبيان الحركةِ١ في الأول، ولم يجز إلا ذلك. ومن قال لك: الفظ لي بحرفٍ واحدٍ غير موصولٍ فقد سألك٢ محالا، لأنك لاتبتدىء إلا بمحركٍ. ولا تقفُ إلى على ساكنٍ، فقد قال لك الفظ لي بساكنٍ متحرك في حالٍ.

وقوله؛ ضمن يقالُ: ضمن القبرُ زيداً، وضمنَ القبرَ زيدٌ؛ كلٌّ صحيحٌ. فمن قال: ضمن القبرُ زيداً، فإنما أراد جعل القبر ضمين زيدٍ، ومنقال: ضمنَ زيدٌ القبرَ، فإنما أراد: جعلَ زيدٌ في ضمنِ القبر، وينشد هذا البيت على وجهين:

وما غائبٌ من غابَ يُرجى إيابهُ ... ولكنهُ من ضمنَ اللحدَ غائبُ٣

ومن روى "من ضمن اللحدُ غائبُ" يريدُ من ضمنه اللحدُ، وحذفَ الهاءَ من صلةِ من، وهذا من الواضح الذي لا يحتج إلى تفسير.

وقوله: أحور يعني ظبياً، وأهل الغريب يذهبون إلى أن الحوار في العين شدةً سوادِ سوادها وشدةُ بياض بياضها، والذي عليه العرب إنما هو نقاءٌ البياضِ، فعند ذلك يتضح السوادُّ. وقد فسرنا الحورَ والحواري.

والكناسُ: حيث تكنسُ البقرة والظبيةُ، وهو أن تتخذ في الشجرةِ العادية كالبيت تأوي إليه وتبعر فيه، فيقال إن رائحته أطيبُ رائحة، لطيب ما ترتعي، قال ذو الرمةِ:

إذا استهلت عليه غيبةٌ أرجت ... مرابضُ العين حتى يأرجَ الخشبُ

كأنه بيتُ عطارٍ يضمنهُ ... لطائم المسكِ يحويها وتنتهب٤

قوله: "غيبة" هي الدفعة من المطرِ، وعند ذلك تتحرك الرائحةُ.

والأرجُ: توهجُ الريحِ، وإنما يستعمل ذلك في الريح الطيبةِ.

والعين: جمعُ عيناءَ، يعني البقرةَ الوحشيةَ، وبها شبهت المرأة، فقيل: حورٌ عينٌ.

واللطيمة: الإبلُ التي تحملُ العطرَ والبزَّ، لا تكون لغير ذلك.


١ س: "حركة الأول".
٢ س: "سأل".
٣ زيادات ر: "لأبى حبة النميري".
٤ من س.

<<  <  ج: ص:  >  >>