للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فخروا بمقتلهِ ولا يوفي به ... مثنى سراتهم الذين نقتل

والقول الثاني في الآية: وهو أهون عليه عندكم، لأن إعادة الشيء عند الناس أهون من ابتدائه حتى يجعل شيئاً من لا شيء.

ثم نعود إلى الباب.

قال زهيرٌ:

ومهما تكن عند امرىءٍ من خليقةٍ ... ولو خالها تخفى على الناس تعلمِ

فهذا مثل المثل الذي ذكرناه.

وقال عمرو بن العاص: إذا أنا افشيت سري إلى صديقي فأذاعه فهو في حل: فقيل له: وكيف ذاك? قال: أنا كنت أحق بصيانته.

وقال امرؤ القيس:

إذا المرء لم يخزن عليه لسانهُ ... فليس علي شيءٍ سواه بخزانِ

وأحسن ما سمع في هذا ما يعزى إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقائل يقول: هو له، ويقول آخرون: قاله متمثلا، ولم يختلف في أنه كان يكثرُ إنشاده:

فلا تفش سرك إلا إليك ... فإن لكل نصيح نصيحا

وإني رأيت غواة الرجا ... ل لا يتركون أديماً صحيحا

وذكر العتبي أن معاوية بن أبي سفيان أسر إلى عثمان بن عنبسة بن أبي سفيان حديثاً، قال عثمانُ: فجئت إلى أبي، فقلت: إن أمير المؤمنين أسر إلي حديثاً، أفأحدثك به? قال: لا، إنه من كتم حديثه كان الخيارُ إليه، ومن أظهره كان الخيار عليه، فلا تجعل نفسك مملوكاً بعد أن كنت مالكاً، فقلت له: أو يدخل هذا بين الرجل وابيه? فقال: لا، ولكني أكره أن تذلل لسانك بإفشاء السر، قال: فرجعت إلى معاوية، فذكرتُ ذلك له، فقال معاوية: أعتقك أخي من رقِّ الخطإ.

وقال معاوية: أعنت على علي رحمه الله بأربع: كنت رجلاً أكتمُ سري،

<<  <  ج: ص:  >  >>