للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال جرير:

ما في مقام ديار تغلب مسجد ... وبها كنائس حنتم ودنان

والتشبيه جار كثيراً في كلام العرب، حتى لو قال قائل: هو أكثر كلامهم، لم يبعد.

قال الله عز وجل وله المثل الأعلى: {الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ} ١. وقال: {طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ} ٢. وقد اعترض معترض من الجهالة الملحدين، في هذه الآية. فقال: إنما يمثل الغائب بالحاضر، ورؤوس الشياطين لم نرها، فكيف يقع التمثيل بها! وهؤلاء في هذا القول كما قال الله جل وعز: {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ} ٣. وهذه الآية قد جاء تفسيرها على ضربين٤: أحدهما، أن شجراً يقال له الأستن٥، منكر الصورة يقال لثمره: رؤوس الشياطين، وهو الذي ذكره النابغة في قوله:

تحيد عن أستن سود أسافله٦

وزعم الأصمعي أن هذا الشجر يسمى الصوم.

والقولم الآخر - وهو الذي يسبق إلى القلب - أن الله جل ذكره شنع صورة الشياطين في قلوب العباد. فكان٧ ذلك أبلغ من المعاينة، ثم مثل هذه الشجرة مما تنفر منه كل نفس.


١ سورة النور ٣٥.
٢ سورة الصافات ٦٥.
٣ سورة يونس ٣٩.
٤ ر: "في ضربين". وما أثبته عن الأصل. س.
٥ نقل المرصفي عن أبي حنيفة الدينوري أنالأستن شجر يفشو في منابته ويكثر, إذا نظر إليه الناظر من بعيد شبهه بشخوص الناس.
٦ بقيته:
مثل الإماء الغوادي تحمل الحزما
٧ ر: "وكان".

<<  <  ج: ص:  >  >>