للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن التشبيه القاصد١ الصحيح، قول النابغة:

وعيد أبي قابوس في غير كنهه ... أتاني ودوني راكس فالضواجع٢

فبت كأني ساورتني ضئيلة ... من الرقش في أنيابها السم ناقع٣

يسهد من نوم العشاء سليمها ... لحلي النساء في يديه قعاقع

تناذرها الراقون من سوء سمها ... تطلقه طوراً وطوراً تراجع٤

فهذه صفة الخائف المهموم. ومثل ذلك قول الآخر٥:

تبيت الهموم الطارقات يعدنني ... كما تعتري الأوصاب رأس المطلق

والمطلق هو الذي ذكره النابغة في قوله:

تطلقه طوراً وطوراص تراجع

وذاك أن المنهوش إذا ألح الوجع به تارة، وأمسك عنه تارة، فقد قارب أن يوأس من برئه.

وإنما ذكر خوفه من النعمان وما يعتريه من لوعة، في إثر لوعة، والفترة بينهما، والخائف لا ينام إلا غراراً، فلذلك شبهه بالملدوغ المسهد.

وقوله:

لحلي النساء في يديه قعاقع

لأنهم كانوا يعلقون حلي النساء على الملدوغ. يزعمون أن ذلك من أسباب البرء، لأنه يسمع تقعقعها النوم فلا ينام، فيدب السم فيه. ويسهد لذلك.

وقال الآخر:


١ القاصد: المستقيم الواضح القريب.
٢ راكس والضواجع: موضعان في بلاد غطفان.
٣ من المساورة, وهي المواثبة. والضئيلة: الحية الدقيقة. والرقش: جمع رقشاء, وهي الحية التي فيها نقط سود وبيض.
٤ تناذرها الراقون, أي أنذر بعضهم بعضا ألا يتعرض لها.
٥ هو شأس بن نهار العبدي.

<<  <  ج: ص:  >  >>