للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قال سراقة بن مالك بن جعشم: فرأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وساقاه ناديتان في غرزه كأنهما جمارتان، فأرده فوقعت في مقنب١ من خيل الأنصار، فقرعوني بالرماح، وقالوا: أين تريد?

وقال كعب بن مالك الأنصاري: وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا سر تبلج وجهه فصار كأنه البدر.

وعين الإنسان مشبهة بعين الظبي والبقرة في كلامهم المنثور، وشعرهم المنظوم، من جاري ما تكلمت به العرب، وكثر في أشعارها، قال الشاعر٢:

فعيناك عيناها وجيدك جيدها ... ولكن عظم الساق منك رقيق٣

وقال ذو الرمة:

أرى فيك من خرقاء يا ظبية اللوى ... مشابه جنبت اعتلاق الحبائل

فعيناك عيناها وجيدك جيدها ... ولونك إلا أنها غير عاطل٤

وقال آخر٥:

فلم ترعيني مثل سرب رأيته ... خرجن علينا من زقاق ابن واقف

طلعن بأعناق الظباء أعين ال ... جآذر وامتدت بهن الروادف٦

ويقال للخطيب: كأن لسانه مبرد. فهذا الجاري في الكلام، كما يقال للطويل: كأنه رمح. ويقال للمهتز للكرم: كأنه غصن تحت بارح.

ومن عجيب٧ التشبيه قول القائل:

لعينك يوم البين أسرع واكفاً ... من الفنن الممطور وهو مروح٨

وذاك أن الغصن يقع المطر في ورقه فيصير منها في مثل المداهن، فإذا هبت به الريح لم تلبثه أن تقطره.


١ المقنب: جماعة الخيل والفرسان.
٢ هو مجنون بني عامر. وقبله:
وياشبه ليلى لو تلبثت ساعة ... لعل فؤادي من جواه يفيق
٣ ر: "دقيق". وما أثبته عن الأصل. س.
٤ ما بين العلامتين من زيادات ر.
٥ ر: "الآخر". ونسبه المرصفي إلى هدبة بن خشرم العذرى.
٦ في البيت إقواء.
٧ ر: "من مليح".
٨ نسبه القالي في أماليه "٧٠:١" إلى أبي حية النميري. ورواه: "لعيناك". والفنن: الغصن. وجمعه أفنان.

<<  <  ج: ص:  >  >>