للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيها الرائحان باللوم لوما ... لا أذوق المدام إلا شميما

نالني بالملام فيها إمام ... لا أرى لي خلافه مستقيما

فاصرفاها إلى سواي فإني ... لست إلا على الحديث نديما

كبر حظي منها إذا هي دارت ... أن أراها وأن أشم النسيما

فكأني بما أزين منها ... قعدي يزين التحكيما١

لم يطق حمله السلاح إلى الحر ... ب فأوصى المطيق ألا يقيما

فهذا المعنى لم يسبقه إليه أحد.

قال: وحدثت أن العماني٢ الراجز أنشد الرشيد في صفة فرس:

كأن أذنيه إذا تشوفا ... قادمة أو قلماً محرفا٣

فعلم القوم كلهم أنه قد لحن، ولم يهتد منهم أحد لإصلاح البيت إلا الرشيد. فإنه قال له: قل: تخال أذنيه إذا تشوفا. والراجز وإن كان لحن فقد أحسن التشبيه.

ويروي أن جريراً دخل إلى الوليد، وابن الرقاع٤ العاملي عنده ينشده القصيدة التي يقول فيها:

غلب المساميح الوليد سماحة ... وكفى قريش المعضلات وسادها

قال جرير: فحسدته على أبيات منها، حتى أنشد في صفة الظبية:

تزجي أغن كأن إبرة روقه

قال: فقلت في نفسي: وقع والله، ما يقدر أن يقول أو يشبه به، قال: فقال:


١ القعدي: من يرى رأي القعد, وهم الخوارج الذين يرون القعود والتحكيم ولا يخرجون إلى القتال.
٢ العماني: هو محمد بن ذؤيب بن محجن البصري.
٣ قادمة: واحدة القوائم, وهن أربع ريشات في مقدم الجناح. واللواتي بعدهن المناكب إلى أسفل الجناح.
٤ هو الوليد بن عبد الملك, وابن الرقاع هو عدي.

<<  <  ج: ص:  >  >>