للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله:

على دين صديقنا والنبي

فالعرب تفعل هذا، وهو في الواو جائز، أن تبدأ بالشيء والمقدم غيره١، قال الله عز اسمه: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ} ٢، وقال: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ} ٣، وقال: {وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} ٤. وقال حسان بن ثابت:

بهاليل منهم جعفر وابن أمه ... علي ومنهم أحمد المتخير

يعني بني هاشم

ومن كلام العرب: ربيعة ومضر وقيس وخندف وسليم وعامر، وأصحاب نافع بن الأزرق هم ذوو الحد والجد٥. وهم الذي أحاطوا بالبصرة حتى ترحل أكثر أهلها منها، وكان الباقون على الرحلة٦، فقلد المهلب حربهم، فهزمهم إلى الفرات، ثم هزمهم إلى الأهواز، ثم أخرجهم عنها إلى فارس، ثم أخرجهم إلى كرمان، وفي ذلك يقول شاعر منهم في هذه الحرب التي صاحبها الزنج٧ بالبصرة، يرثي البلد، ويذكر المنقبة التي كانت لهم:

[قال الأخفش: أنشدنيه يزيد المهلبي لنفسه:]

سقى الله مصراً خف أهلوه من مصر ... وماذا الذي يبقى على عقب الدهر٨!

ولو كنت فيه إذ أبيح حريمه ... لمت كريماً أو صدرت على عذر

أبيح فلم أملك له غير عبرة ... تهيب بها أن حاردت لوعة الصدر٩


١ ر: "وغيرة المقدم".
٢ سورة التغابن ٢
٣ سورة الرحمن٣٣.
٤ سورة آل عمران ٤٣.
٥ الحد, بفتح الحاء: البأس والنفاذ في النجدة, والجد بالكسر: الجتهاد والسرعة في الأمر, قاله المرصفي.
٦ ر: "الترحل".
٧ صاحب الزنج: رجل ظهر أيام المهتدى بالله, وزعم أنه من ولد علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب, ودعا الناس إلى طاعتة, واستمال عددا كبيرا من الزنوج, يستعين بهم على العبث والفساد, سنة ٢٧
٨ عقب الدهر: نوبه وأرزاؤه
٩ العبرة: الدمعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>