والكتاب "بين العقيدة والقيادة" يدل بلفظه على موضوعه، فالعنوان يدل على ما حواه الكتاب؛ وهو الصلة الوثيقة بين عقيدة القائد، وقيادته، وأن القيادة الرشيدة لا بد أن تدفعها عقيدة مؤمنة وقلب لم يركس في المعاصي، ونفس لم تُدنَّس بالفسوق والانحراف، وإرادة حازمة قوية ضابطة غير خاضعة لهوى يهوي بها؛ بل هي سيدة على النفس، حاكمة لها. والكتاب دعوة إيجابية، ومرد حاسم على سلبية سادت في الجند العربي.
أما الإيجابية في الكتاب، فهو دعوة للقادة العرب، إلى أن يؤمنوا بالله تعالى، ورسله الأكرمين؛ وأن يكون لهم إيمان بالله، يعقدون العزم على الاستمساك بأمر الله تعالى ونهيه؛ وأن يكون للقائد مثل ديني عالٍ يسمو إليه، ويتبعه جنده في إيمانه كما يتبعون قيادته؛ وإنهم في هذه الحال يتبعونه رَغَباً لا رَهَباً، وتكون طاعتهم له من إيمان؛ ليكون لجهادهم معنى سام عالٍ، ولا يكون قسراً وكرهاً، لمجرد النظام العسكري الملزم.
أما الرد على السلبية السائدة في الجيوش العربية، فمن المقرر عند بعض القادة، أنه لا صلة بين العقيدة والنصر؛ ولذلك لم يكونوا مستشعرين بشعار الإيمان، وربما كان منهم من يجاهد بالفسوق والعصيان، ولا يرعى مركزاً تقتضيه قيادته من أخلاق فاضلة، وقيم إنسانية عالية؛ بل يحسبون أن النصر للآلة الفاتكة، ومن يحرك الآلة، ولا يحسبون أن القلوب المؤمنة هي التي تبتغي النصر، وتصل إليه، والله يؤيد بنصره من يشاء.