الثانية: أن الفتح الإسلامي الذي جرى بقيادة الصحابة عليهم رضوان الله كان فتحاً (مستداماً) أيضاً، لم يخسر المسلمون أي شبر من الأرض إلا واستعيدت بعد مدة من الزمن - كما حدث في احتلال الصليبيين لجزء من فلسطين وسورية ولبنان مثلاً، ثم طُرد الصليبيون وعادت البلاد المغتصبة لأهلها ... ولعل هذه الحقيقة بشارة للعرب والمسلمين، بأن الأرض المحتلة من قِبَل إسرائيل ستعود إلى العرب والمسلمين اليوم أو غداً بإذن الله، ما في ذلك أدنى شك.
والثالثة: أن الفتح الإسلامي بقيادة التابعين عليهم رضوان الله كان فتحاً (مستداماً) أيضاً، لم يخسر المسلمون منه غير الأندلس وجزر البحر الأبيض المتوسط.
والرابعة: أن الفتح الإسلامي في عهد العثمانيين الذي جرى بعد توقف الفتح الإسلامي العظيم سنة أربع وتسعين الهجرية، وهو الفتح الذي اكتسح أجزاء أوروبا لم يكن فتحاً (مستداماً)، إذ خسر المسلمون ما فتحوه هناك، عدا مناطق آسيا الصغرى التي كانت الروم فيها وكانت القسطنطينية عاصمتها.
نستنتج من ذلك، أن الفتح الإسلامي وانتشار الإسلام في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي أيام الصحابة والتابعين كان فتحاً (مستداماً) وانتشاراً خالداً، لأن قادة الفتح الإسلامي وجنوده كانوا (دعاة) ولم يكونوا (غزاة)، فاهتموا بتعميق جذور الدعوة الإسلامية في المناطق التي فتحوها، وكان سلوكهم الشخصي تديناً وورعاً واستقامة خير عون لهم