أو فتحوا بلاداً جديدة كانوا متدينين غاية التدين، وكانوا أمثلة شخصية لرجالهم في التدين والعمل الصالح، ويكفي أن أذكر منهم: أسد بن الفرات فاتح جزيرة (صقلية)، وصلاح الدين الأيوبي الذي استعاد القدس من الصليبيين، وقطز قاهر التتار، ومحمداً الفاتح فاتح القسطنطينية.
فمن أين جاءت الفكرة السائدة بأن القائد لا ينبغي أن يكون متديناً؟! وكيف استقر هذا الخطأ الشائع في أذهان قسم من العرب والمسلمين بأن القيادة والتدين على طرفي نقيض؟! لا شك أن تلك الفكرة وذلك الخطأ لا مسوغ لهما، وقد روَّجهما أعداء العرب والمسلمين، وصدَّقهما الجهلاء والعملاء والمغرر بهم وطالبوا اللذة من عبيد البطن والفرج.
كيف كان العرب والمسلمون يطبقون تعاليم الإسلام في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي أيام الفتح الإسلامي العظيم؟ هذا ما سأتطرق إليه بالبحث وشيكاً، لإيراد نماذج حية تدل على التطبيق العملي لتعاليم الإسلام، ونتائج ذلك التطبيق في الميدان العسكري بخاصته.
وقبل أن أدخل في صُلب الموضوع، لا بد لي من تسجيل أربع حقائق ملموسة: الأولى: أن انتشار الإسلام في المناطق العربية أيام النبي - صلى الله عليه وسلم - كان انتشاراً (مستداماً)، إذ لم يخسر المسلمون أي شبر من الأرض التي أصبحت للمسلمين في عهد الرسول القائد عليه أفضل الصلاة والسلام.