للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسلم مكانهم قال لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: "نَم على فراشي، وتسجَّ ببُردي (١) هذا الحضرمي الأخضر، فنم فيه، فإنه لا يخلُص إليك شيء تكرهه منهم" (٢).

هنا تبدو قصة من أجلّ ما عرف تاريخ المغامرة في سبيل الحق والعقيدة والإيمان قوة وروعة! كان أبو بكر الصديق - رضي الله عنه -، قد أعدّ راحلتيه، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر وخرجا من خَوْخَة (٣) لأبي بكر في ظهر بيته، ثم عمدا إلى غار بجبل (ثَوْر) أسفل مكة، فدخلاه ليلاً وأقاما فيه ثلاثاً" (٤)، وجعلت قريش حين فقدوه مئة ناقة لمن يردّه عليهم، وطلبت قريش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشد الطلب، حتى انتهوا إلى

باب (الغار)، فقال بعضهم: "إن عليه العنكبوت قبل ميلاد محمد" (٥).

وفي (الغار) كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي، وكان أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - خائفاً على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكان يقترب منه ويلصق نفسه به، فيهمس النبي - صلى الله عليه وسلم - بأذن أبي بكر الصدِّيق: "لا تحزن، إن الله معنا".

وحين شعر أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - بدُنُوِّ الباحثين عنهما قال هامساً: "لو نظر أحدهم تحت قدميه لأبْصَرَنا"، فأجابه النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يا أبا بكر! ما ظنك باثنين الله ثالثهما" (٦).

وخرجا بعد ثلاثة أيام من (الغار) حين عرفا أن قد سكن الناس


(١) البُرد: كساء مخطط يلتحف به. (ج): أبراد، وأبْرُدٌ، وبُرود.
(٢) سيرة ابن هشام (٢/ ٩٥) وطبقات ابن سعد (١/ ٢٢٧).
(٣) الخوخة: كوّة في البيت تؤدي إلى الضوء. والخوخة: باب صغير وسط باب كبير نصب حاجزاً بين دارين. والخوخة: مخترق ما بين كل دارين.
(٤) سيرة ابن هشام (٢/ ٩٨ - ٩٩).
(٥) طبقات ابن سعد (١/ ٢٢٨).
(٦) طبقات ابن سعد (١/ ١٧٣ - ١٧٤).

<<  <   >  >>