للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كان يأتي على آل محمد - صلى الله عليه وسلم - الليالي ما يجدون فيها عشاء". وقالت عائشة أم المؤمنين: "ما شبع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في يوم مرتين حتى لحق بالله، ولارفعنا له فضل طعام عن شبع حتى لحق بالله، إلا أن نرفعه لغائب". وقالت: "كان لنا جيران من الأنصار لهم ربائب يسقوننا من لبنها جزاهم الله خيراً". وقالت: "إن آل محمد لم يشبعوا ثلاثة أيام متوالية من طعام برٍّ حتى مضى النبي - صلى الله عليه وسلم - لسبيله". وقالت: "والله لقد كان يأتي على آل محمد - صلى الله عليه وسلم - شهر لا نخبز فيه". وقالت: "لقد مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما شبع من خبزٍ وزيت في يوم مرتين". وقد توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودرعه مرهونة عند رجل من يهود بِوسْق (١) من شعير.

وقال أبو هريرة: "إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجوع فقيل له: وكيف كان ذلك الجوع؟! فقال: "لكثرة مَن يغشاه وأضيافه وقوم يلزمونه لذلك، فلا يأكل طعاماً أبداً إلا ومعه أصحابه وأهل الحاجة يتتبعون من المسجد". وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ما ملأ آدمي وعاءً شراً من بطنه: حسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لِنَفَسه" (٢).

ب) لم يفكر أبداً بنفسه، كما لم يفكر أبداً بأهله، يسبغ عليهم هذا الترف الذي يشيع بين ذوي الجاه والسلطان، وحين نصره الله تعالى وردّ عنه الأحزاب وفتح عليه (قُرَيْظَة) و (النضير) ظنّ أزواجه أنه اختص بنفائس يهود وذخائرهم، وكنّ تسع نسوة قعدن حوله وقلن:


(١) الوسق: مكيلة معلومة، وهي ستون صاعاً، والصاع خمسة أرطال وثلث.
(٢) انظر التفاصيل في طبقات ابن سعد ١/ ٤٠٠ - ٤٠١.

<<  <   >  >>