للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: "اللهم اشهد! إني قد بلغت المجهود، ولولا هذا البحر لمضيت في البلاد أقاتل مَن كفر حتى لا يُعبد أحد من دونك" (١). ووقف ساعة في البحر المحيط ثم قال لأصحابه: "ارفعوا أيديكم"، ففعلوا، ثم قال: "اللهم إني لم أخرج بطراً ولا أشراً، وإنك لتعلم أنما نطلب السبب الذي طلبه عبدك (ذو القرنين) وهو أن تعبد ولا يُشرك بك شيء. اللهم إنا معاندون لدين الكفر، ومدافعون عن دين الإسلام، فكن لنا ولا تكن علينا يا ذا الجلال والإكرام"، ثم انصرف راجعاً إلى (القيروان) (٢).

ولما انتهى إلى ثغر (إفريقية) وهي (طُبنة) (٣)، أذن لمن معه من أصحابه أن يتفرقوا ويقدموا (القيروان) فوجاً فوجاً، ثقة منه بما نال العدو وأنه لم يبق أحد يخشاه (٤).

ومال عقبة بخيل يسيرة إلى (تُهْوَذة) (٥)، وكان معه نحو ثلاثمئة فارس (٦)، فلما رآه الروم في قلة طمعوا فيه، فأغلقوا الحصن وشتموه، وهو يدعوهم إلى الإسلام، فلم يقبلوا منه (٧).

وبعث الروم إلى (كسيلة) أمير البرانس من البربر، وكان في


(١) رياض النفوس ١/ ٢٥.
(٢) الاستقصا ١/ ٧٤.
(٣) طبنة: بلدة في طرف إفريقية مما يلي المغرب على ضفة الزاب، انظر معجم البلدان ٦/ ٢٨.
(٤) ابن الأثير ٤/ ٤٣، ورياض النفوس ١/ ٢٥.
(٥) تهوذة: مدينة في جنوب جبال أوراس في الجنوب الشرقي لمدينة طبنة وعلى مسافة ٣٧.٥ ميلاً منها، انظر تاريخ المغرب الكبير ٤٦٦٢.
(٦) الخلاصة النقية ٥، والاستقصا ١/ ٧٤.
(٧) ابن الأثير ٤/ ٤٣.

<<  <   >  >>