للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عسكر عقبة مضمراً للغدر، فلما أرسل إليه الروم أظهر ما كان يضمره وجمع أهله وبني عمه وقصد عقبة، فقال له أبو المهاجر دينار (١) الذي كان أميراً على إفريقية قبل ولاية عقبة الثانية، وكان يومها موثقاً في الحديد: "عاجله قبل أن يقوي جمعه"، فأطلق عقبة أبا المهاجر وقال له: "الحقْ بالمسلمين وقم بأمرهم، وأنا أغتنم الشهادة"، فلم يفعل وقال: "وأنا أيضاً أريد الشهادة". وكسر عقبة والمسلمون أجفان سيوفهم، وتقدموا إلى البربر وقاتلوهم، فقُتِل المسلمون جميعهم (٢) ومعهم عقبة، وقُتِل معه زهاء ثلاثمئة من كبار الصحابة والتابعين في أرض الزاب بـ (تهوذة) (٣) سنة ثلاث وستين الهجرية (٤) (٦٨٣ م).

ج) وتولَّى القيادة بعد عقبة: زهير بن قيس البلوي، فاستطاع قتل (كسيلة) والقضاء على مقاومة البربر. وعاد إلى (القيروان) فأبى أن يقيم بها وقال: "إني ما قدمت إلا للجهاد، وأخاف أن أميل إلى الدنيا فأهلك"، وكان من رؤساء العابدين وكبراء الزاهدين، فترك القيروان وانصرف عنها، وأمَّ بها كثيراً من أصحابه (٥).

ترك (القيروان) آمنة، لخلو البلاد من عدو ذي شوكة، ورحل في جمع كثير إلى مصر، فبلغ الروم خروجه من (إفريقية) إلى (برقة)،


(١) انظر ترجمته في: قادة فتح المغرب العربي الكبير ١/ ١٣٧ - ١٤٩.
(٢) ابن الأثير ٤/ ٤٣.
(٣) الاستقصا ١/ ٢٤.
(٤) سير أعلام النبلاء ٣/ ٣٤٩، والبداية والنهاية ٨/ ٢١٧، والإصابة ٥/ ٨١.
(٥) ابن الأثير ٤/ ٤٤، والبيان المغرب ١/ ٢٠، والاستقصا ١/ ٨١، ورياض النفوس ١/ ٣١.

<<  <   >  >>